responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 99

المؤمنين المتقين، فإن هذه الآيات تعد أعمال هؤلاء الظالمين سبب هذا العذاب الخالد و منبعه. و أي ظلم أكبر من أن يكذّب الإنسان بآيات اللّه سبحانه، و يضرب جذور سعادته بمعول الكفر و الافتراء: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‌ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ‌. [1] نعم، إن القرآن يرى ارادة الإنسان و أعماله السبب الأساسي لكل سعادة أو شقاء، لا المسائل الظنية و الوهمية التي اصطنعها البعض لأنفسهم.

ثمّ تطرقت الآية إلى بيان جانب من مذلة هؤلاء و مسكنتهم، فقالت، وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ‌ فمع أن كل امرئ يهرب من الموت و يريد استمرار الحياة و بقاءها، إلّا أنّه عند ما تتوالى عليه المصائب أحيانا و يضيق عليه الخناق يتمنى على اللّه الموت، و إذا كانت هذه الأمنية قد تحدث أحيانا لبعض الناس في الدنيا، فانّها تعمّ جميع المجرمين هناك، فكلهم يتمنى الموت.

و لكن حيث لا فائدة من ذلك، فإنّ مالك النّار و خازنها يجيبهم: قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ‌ [2].

و العجيب أنّ خازن النّار يجيبهم بعد ألف سنة- برأي بعض المفسّرين- و بكل احتقار و عدم اهتمام، فما أشد إيلام هذا الاحتقار [3].

قد يقال: كيف يطلب هؤلاء مثل هذا الطلب مع يقينهم أن لا موت هناك؟ غير أن مثل هذا الطلب طبيعي من إنسان أحاطت به المصائب و الآلام، و قطع أمله من كل شي‌ء.

أجل، إنّ هؤلاء عند ما يرون كل سبل النجاة مغلقة في وجوههم، سيطلقون هذه الصرخة من أعماق قلوبهم، و لكن حق القول عليهم بالعذاب، فلا فائدة من‌


[1]- الصف، الآية 7.

[2]- «ماكثون» من مادة (مكث)، و هو في الأصل التوقف المقترن بالانتظار، و ربّما كان هذا التعبير من مالك استهزاء، كما تقول- أحيانا- لمن يطلب شيئا لا يستحقه انتظر!

[3]- مجمع البيان، ذيل الآيات مورد البحث و قال البعض: إنّ المسافة بين السؤال و الجواب مائة سنة، و آخرون: أربعون سنة، و مهما تكن فإنّها دليل على الاحتقار و عدم الاهتمام.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست