responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 79

و بالرغم من أنّ الآيات تتحدث بإبهام، إلّا أنّ محتواها ليس معقّدا و لا غامضا للقرائن الموجودة في نفس الآيات، و آيات القرآن الأخرى، رغم التفاسير المختلفة التي ذكرها المفسّرون.

تقول الآية الأولى: وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ‌ [1].

أيّ مثل كان هذا؟ و من الذي قاله في حقّ عيسى بن مريم؟

هذا هو السؤال الذي اختلف المفسّرون في جوابه على اقوال، إلّا أنّ الدقّة في الآيات التالية توضح أنّ المثل كان من جانب المشركين، و ضرب فيما يتعلق بالأصنام، لأنّا نقرأ في الآيات التالية: ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا.

بملاحظة هذه الحقيقة، و ما جاء في سبب النّزول، يتّضح أن المراد من المثل هو ما قاله المشركون استهزاء لدى سماعهم الآية الكريمة: إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ‌ [2]، و كان ما قالوه هو أن عيسى بن مريم قد كان معبودا، فينبغي أن يكون في جهنم بحكم هذه الآية، و أي شي‌ء أفضل من أن نكون نحن و أصنامنا مع عيسى؟! قالوا ذلك و ضحكوا و استهزءوا و سخروا! ثمّ استمرّوا: وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ؟ فإذا كان من أصحاب الجحيم، فإنّ آلهتنا ليست بأفضل منه و لا أسمى.

و لكن، اعلم أنّ هؤلاء يعلمون الحقيقة، و ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ‌ [3].

إنّ هؤلاء يعلمون جيدا أنّ الآلهة الذين يردون جهنم هم الذين كانوا راضين بعبادة عابديهم، كفرعون الذي كان يدعوهم إلى عبادته، لا كالمسيح عليه السّلام الذي كان و لا يزال رافضا لعملهم هذا، و متبرءا منه.


[1]- «يصدون» من مادة صد، و يكسر مضارعها، و هي تعني الضحك و الصراخ، و إحداث الضجيج و الغوغاء، حيث يضعون يدا بيد عند السخرية و الاستهزاء عادة، يراجع لسان العرب، مادة: صدد.

[2]- الأنبياء، الآية 98.

[3]- «خصمون» جمع خصم، و هو الشخص الذي يجادل و يخاصم كثيرا.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست