responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 58

و هناك احتمالات اخرى في تفسير هذه الآية، منها أن الإنسان قد يشعر بخفة آلامه عند رؤية متألمين آخرين، لأنّ المعروف (أن البلية إذا عمّت طابت) غير أنّه يقال لهؤلاء: لا يوجد هناك مثل تسلية الخاطر هذه، بل ستغوصون في العذاب، و عذاب الشياطين المشتركين معهم لا يبعث على تسلية الخاطر [1].

و احتملوا أيضا أن المصيبة عند ما تقع، تخف وطأتها عند ما يجد الإنسان ثقلها موزعا بينه و بين أصدقائه، و لكن هذه المسألة لا توجد هناك أيضا، لأنّ لكل فرد سهما وافرا من العذاب، من دون أن ينقص من عذاب الآخرين شي‌ء! لكن بملاحظة أن هذه الآية تكملة للآية السابقة، فإنّ التّفسير الأوّل الذي اخترناه هو الأنسب.

و يترك القرآن هنا هذه الفئة و شأنها، و يوجه الخطاب إلى النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم و يتحدث عن الغافلين عمي القلوب الذي كذبوا ارتباطه باللّه، و هم من جنس من تقدم الكلام عنهم في الآيات السابقة، فيقول: أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَ مَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ‌.

و قد ورد نظير هذا المعنى في آيات أخرى من القرآن الكريم، حيث شبه المعاندين الذين لا أمل في هدايتهم، و الغارقين في الذنوب بالعمي و الصم، بل و بالأموات أحيانا.

فقد جاء في الآية (42) من سورة يونس: أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَ لَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ‌.

و جاء في الآية (80) من سورة النمل: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى‌ وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ‌. و آيات أخرى.

إن كل هذه التعابير توضح أن القرآن يقول بنوعين من السمع و البصر و الحياة للإنسان: السمع و البصر و الحياة الظاهريّة، و السمع و البصر و الحياة الباطنية،


[1] بناء على هذا التّفسير، فإنّ جملة أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ‌ ستكون فاعل (ينفع) لا نتيجته.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست