أ هذه النعمة التي أنعمها اللَّه على الإنسان ذات قيمة، أم ما يمنّه الإنسان
على النبي؟!! كذلك كلّ عبادة و طاعة هي خطوة نحن التكامل، إذ تمنح القلب صفاء و
تسيطر على الشهوات، و تقوّي فيه روح الإخلاص، و تمنح المجتمع الإسلامي الوحدة و
القوّة و العظمة فكأنّه نسيج واحد! فكل واحدة منها درس كبير في التربية، و مرحلة
من المراحل التكاملية! و من هنا كان على الإنسان أن يؤدّي شكر نعمة اللَّه صباح
مساء، و أن يهودي إلى السجود بعد كلّ صلاة و عبادة، و أن يشكر اللَّه على جميع هذه
الأمور! فإذا كانت نظرة الإنسان- في هذا المستوى- من الإيمان و الطاعة فإنه لا يرى
نفسه متفضلا، بل يجد نفسه مدينا للَّه و لنبيّه و غريق إحسانه. و يؤدّي عبادته
بلهفة، و يسعى في سبيل طاعته على الرأس لا على القدم و إذا ما أثابه اللَّه أجرا
فهو تفضّل آخر منه و لطف، و إلّا فإنّ أداء الأعمال الصالحة يكون بنفع الإنسان، و
الحقيقة أنّه بهذا التوفيق يضاف على ميزانه عند اللَّه.
فهداية اللَّه- بناء على ما بيّنا- لطف، و دعوة النّبي صلى اللَّه عليه و آله
و سلّم لطف آخر، و التوفيق للطاعة مضاعف، و الثواب لطف فوق لطف! و في آخر آية من
الآيات محل البحث التي هي آخر سورة الحجرات تأكيد آخر على ما ورد في الآية الآنفة
إذ تقول: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ
السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ فلا تصرّوا على أنّكم مؤمنون حتما و لا حاجة للقسم ... فهو
حاضر في أعماق قلوبكم، و هو عليم بما يجري في غيب السماوات و الأرض جميعا، فكيف لا
يعلم ما في قلوبكم و ما تنطوي عليه صدوركم؟! اللّهم: مننت علينا بنور الإيمان،
فنقسم عليك بعظيم نعمة الهداية أن تثبّت أقدامنا في هذا الطريق و تقودنا في سبيل
الكمال ...