السيّئة بعضها مطابق للواقع و بعضها مخالف له، فما خالف الواقع فهو إثم لا
محالة، و لذلك قالت الآية: إِنَّ
بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ و على هذا فيكفي هذا البعض
من الظنون الذي يكون إثما أن نتجنّب سائر الظنون لئلا نقع في الإثم! و هنا ينقدح
هذا السؤال، و هو أنّ الظنّ السيء أو الظن الحسن ليسا اختياريين (غالبا) و إنّما
يكون كل منهما على أثر سلسلة من المقدّمات الخارجة عن اختيار الإنسان و التي تنعكس
في ذهنه، فكيف يصح النهي عن ذلك؟! و في مقام الجواب يمكن القول بأنّه:
1- المراد من هذا النهي هو النهي عن ترتيب الآثار، أي متى ما خطر الظنّ السيء
في الذهن عن المسلم فلا ينبغي الاعتناء به عمليّا، و لا ينبغي تبديل أسلوب التعامل
معه و لا تغيير الروابط مع ذلك الطرف، فعلى هذا الأساس فإنّ الإثم هو إعطاء الأثر
و ترتّبه عليه.
و لذلك نقرأ في هذا الصدد
حديثا عن نبيّ الإسلام يقول فيه: «ثلاث في
المؤمن لا يستحسن، و له منهنّ مخرج فمخرجه من سوء الظن ألّا يحقّقه» [1] ...
إلى آخر الحديث الشريف.
2- يستطيع الإنسان أن يبعد عن نفسه سوء الظن بالتفكير في المسائل المختلفة،
بأن يفكر في طريق الحمل على الصحة، و أن يجسّد في ذهنه الاحتمالات الصحيحة
الموجودة في ذلك العمل، و هكذا يتغلب تدريجا على سوء الظنّ! فبناء على هذا ليس سوء
الظن شيئا (ذا بال) بحيث يخرج عن اختيار الإنسان دائما! لذلك
فقد ورد في الروايات أنّه: «ضع أمر أخيك
على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك منه، و لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءا و أنت تجد
لها في الخير