رسول اللّه، فلم يقبل الأوّل، فاشتدّ الخلاف و تنازع جماعة من قبيلتيهما
بالعصي و الأحذية و «حتى» بالسيوف، فنزلت الآيتان آنفتا الذكر و بيّنت وظيفة
المسلمين في مثل هذه الأمور [1].
التّفسير
المؤمنون أخوة:
يقول القرآن هنا قولا هو بمثابة القانون الكلّي العام لكلّ زمان و مكان: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما[2].
و صحيح أنّ كلمة «اقتتلوا» مشتقّة من مادة القتال و معناها الحرب، إلّا أنّها
كما تشهد بذلك القرآن تشمل كلّ أنواع النزاع و إن لم يصل إلى مرحلة القتال و
المواجهة «العسكرية» و يؤيّد هذا المعنى أيضا بعض ما نقل في شأن نزول الآية ...
بل يمكن القول: إنّه لو توفّرت مقدّمات النزاع كالمشاجرات اللفظية مثلا التي
تجرّ إلى المنازعات الدامية فإنّه ينبغي و طبقا لمنطوق الآية أن يسعى إلى الإصلاح
بين المتنازعين، لأنّه يمكن أن يستفاد هذا المعنى من الآية المتقدّمة عن طريق
إلغاء الخصوصية.
و على كلّ حال، فإنّ من واجب جميع المسلمين أن يصلحوا بين المتنازعين منهم
لئلّا تسيل الدماء و أن يعرفوا مسئوليتهم في هذا المجال، فلا يكونوا متفرّجين كبعض
الجهلة الذين يمرّون بهذه الأمور دون اكتراث و تأثّر! فهذه هي وظيفة المؤمنين
الأولى عند مواجهة أمثال هذه الأمور.
ثمّ يبيّن القرآن الوظيفة الثانية على النحو التالي: فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى و لم تستسلم لاقتراح الصلح فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ
اللَّهِ.