لنزول الآيات التي بعدها شؤونا أخر! فمن الشؤون التي ذكروها لنزول الآية
الأولى أنّه: حين أراد النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم أن يتوجّه إلى خيبر رغب
في أن يخلّف شخصا معيّنا مكانه في المدينة و ينصّبه خليفة عنه، فاقترح عمر شخصا
آخر، فنزلت الآية الآنفة و أمرت أن لا تقدموا بين يدي اللّه و رسوله [1].
و قال آخرون: كان بعض المسلمين بين الفينة و الأخرى يقولون لو نزلت فينا آية
لكان أفضل، فنزلت الآية أن لا تقدموا بين يدي اللّه و رسوله [2].
و قال بعضهم، إنّ الآية تشير إلى أعمال بعض المسلمين الذين كانوا يؤدّون
عباداتهم قبل أوانها، فنزلت الآية لتنهاهم عن مثل هذه الأعمال [3].
و أمّا في شأن الآية الثانية فقد قال المفسّرون إنّ طائفة من «بني تميم» و
أشرافهم و ردوا المدينة، فلمّا دخلوا مسجد النّبي نادوا بأعلى صوتهم من وراء
الحجرات التي كانت للنبي: يا محمّد أخرج إلينا. فأزعجت هذه الصرخات غير المؤدّبة
النبي، فخرج إليهم فقالوا له: جئناك لنفاخرك فأجز شاعرنا و خطيبنا ليتحدّث عن
مفاخر قبيلتنا، فأجازهم النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم فنهض خطيبهم و تحدّث
عن فضائلهم الخيالية الوهميّة كثيرا ...
فأمر النّبي (ثابت بن قيس) أن يردّ عليهم [4] فنهض و خطب خطبة بليغة فلم يبق لخطبة أولئك من
أثرا! ...
ثمّ نهض شاعرهم و ألقى قصيدة في مدحهم فنهض «حسان بن ثابت» فردّ عليه بقصيدة
شافية كافية! فقام رجل من أشراف تلك القبيلة و اسمه «الأقرع» فقال: إنّ هذا الرجل
يعني
(1، 2، 3)- تفسير القرطبي، ج 9، ص
6121.
[4]- كان «ثابت بن قيس» خطيب الأنصار
و خطيب النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم كما كان حسّان بن ثابت شاعره [أسد الغابة،
ج 1، ص 229].