هذه الحالة في أفكار أهل مكّة و أنفسهم تأثيرا كبيرا و دليلا حيّا على قوة
المسلمين و حكمتهم! و على كلّ حال فإنّ «عمرة القضاء» كانت عبارة كما كانت في
الوقت ذاته عرضا «للعضلات المفتولة» و ينبغي القول أنّ «فتح مكّة» الذي تحقّق بعد
سنة أخرى كان قد نثر بذره في هذه السنة و هيّأ الأرضية لاستسلام أهل مكّة للفاتحين
(المسلمين).
و كان هذا الأمر مدعاة لقلق رؤساء قريش إلى درجة أنّهم بعثوا رجلا بعد مضي
ثلاثة أيّام إلى النّبي يطلب منه أن يغادر بسرعة هو و أصحابه مكّة طبقا للمعاهدة
...
الطريف هنا أنّ النّبي تزوّج أرملة من نساء قريش و كانت من أقرباء بعض رؤسائهم
المعروفين و ذلك ليشدّ أواصره بهم و يخفّف من غلوائهم و بغضائهم.
و حين سمع النّبي اقتراحهم بالمغادرة
قال: «ما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم
فصنعنا لكم طعاما فحضر تموه».
قالوا: لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنّا.
و لو كان تمّ ذلك لكان له أثره في نفوذ أمر النّبي في قلوبهم غير أنّهم لم
يقبلوا ذلك منه [1].
***
______________________________
(1)- مجمع البيان للطبرسي، ج 9، ص
127- في ظلال القرآن، ج 7، ص 511، تاريخ الطبري، ج 2، ص 310 مع شيء من التلخيص ..