يؤدّي المسلمون العمرة و زيارة بيت اللّه في العام المقبل على أن لا يمكثوا في
مكّة أكثر من ثلاثة أيام، و في الوقت ذاته يخرج المشركون من مكّة و رؤساء قريش
أيضا، لئلا يقع نزاع محتمل بين الطرفين و لئلا يروا المسلمين يؤدّون المناسك
فيثيرهم منظر العبادة «التوحيدية».
و قد ورد في بعض التواريخ أنّ النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم أحرم في
السنة المقبلة مع أصحابه و الجمال المساقة للهدي و تحرّكوا جميعا حتى بلغوا أطراف
«الظهران» و نواحيه فأرسل النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم ما كان عنده من
أسلحة و خيول تستلفت النظر مع أحد أصحابه و اسمه «محمّد بن مسلمة» فلمّا رأى
المشركون هذه الخطة فزعوا و خافوا خوفا شديدا و ظنّوا أنّ النّبي صلى اللّه عليه و
آله و سلّم يريد أن يقاتلهم و ينقض المعاهدة الممضاة لعشر سنين و أخبروا أهل مكّة
بذلك.
غير أنّ النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم حين وصل منطقة قريبة من مكّة أمر
أن توضع الأسلحة من السهام و الرماح و غيرها من الأسلحة في منطقة تدعى «ياجج»، و
دخل هو و أصحابه مكّة بالسيوف المغمدة.
فلمّا رأى أهل مكّة من النّبي ما رأوا فرحوا إذ وفى النّبي بوعده [فكأنّ النبي
باقدامه هذا أنذر المشركين أن لو نقضوا العهد و أرادوا أن ينازلوا المسلمين فهم
على أتم الاستعداد].
فخرج رؤوساء مكّة منها لئلّا تتأثر عواطفهم و قلوبهم بهذه «المناظر» و لا
تثيرهم مناسك العمرة من قبل المسلمين.
غير أنّ بقية أهل مكّة من الرجال و النساء و الأطفال اجتمعوا في السطوح و حول
الكعبة و خلال الطريق ليروا كيف يؤدّي المسلمون مناسكهم ...
فدخل النّبي مكّة بهذه الأبّهة الخاصة و كانت معه جمال كثيرة مسوقة للهدي
فعامل أهل مكّة بمنتهى اللطف و المحبّة و أمر المسلمين أن يسرعوا أثناء الطواف و
أن يزيحوا الإحرام عن أكتافهم قليلا لتبدو علائم القدرة و القوّة فيهم و أن تترك