responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 478

و مثل هذه الذنوب يستوجب أن يسلّطكم اللّه عليهم لتعاقبوهم بشدّة! لكنّ اللّه تعالى لم يفعل ذلك فلما ذا؟! ذيل الآية يبيّن السبب بوضوح إذ يقول: وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ‌ [1] ..

و هذه الآية تشير إلى طائفة (من الرجال و النساء) المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام في مكّة و لم يهاجروا إلى المدينة لأسباب خاصة.

فلو قاتل المسلمون أهل مكّة لأوقعوا أرواح هؤلاء المستضعفين في خطر و لامتدت ألسنة المشركين بالقول: إنّ جنود الإسلام لم يرحموا لا أعداءهم و مخالفيهم و لا أتباعهم و مؤالفيهم، و هذا عيب و عار كبير! و قال بعضهم أيضا، إنّ المراد من هذا العيب لزوم الكفارة و دية قتل الخطأ، لكنّ المعنى الأوّل أكثر مناسبة ظاهرا.

«المعرّة» من مادة «عرّ» على زنة «شرّ» «و العرّ على زنة الحر» في الأصل معناه مرض الجرب و هو من الأمراض الجلدية التي تصيب الحيوانات أو الإنسان أحيانا ثمّ توسّعوا في المعنى فأطلقوا هذا اللفظ على كلّ ضرر يصيب الإنسان.

و لإكمال الموضوع تضيف الآية: لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ.

أجل، كان اللّه يريد للمستضعفين المؤمنين من أهل مكّة أن تشملهم الرحمة و لا تنالهم أية صدمة ..

كما يرد هذا الاحتمال أيضا و هو أنّ أحد أهداف صلح الحديبيّة أنّ من المشركين من فيه قابلية الهداية فيهتدي ببركة هذا الصلح و يدخل في رحمة اللّه.

و التعبير ب «من يشاء» يراد منه الذين فيهم اللياقة و الجدارة، لأنّ مشيئة اللّه تنبع من حكمته دائما، و الحكيم لا يشاء إلّا بدليل و لا يعمل عملا دون دقّة و حساب ..

و لمزيد التأكيد تضيف الآية الكريمة: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً أي لو افترقت و انفصلت صفوف المؤمنين و الكفار في مكّة و لم يكن هناك‌


[1]- جواب لولا في الجملة الآنفة محذوف و التقدير: لمّا كفّ أيديكم عنهم، أو: لوطأتم رقاب المشركين بنصرنا إيّاكم ..

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 478
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست