تثار هنا أسئلة كثيرة دأب المفسّرون منذ زمن قديم حتى يومنا هذا بالإجابة على
هذه الأسئلة! و من هذه الأسئلة، الأسئلة الثلاثة التالية حول قوله تعالى لنبيّه:
ليغفر لك اللّه ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر!.
1- ما المراد من العبارة الآنفة لِيَغْفِرَ
لَكَ اللَّهُ مع أنّ النّبي معصوم من الذنب؟! 2- و على فرض
أن نغض النظر عن هذا الإشكال! فما علاقة المغفرة بالفتح و صلح الحديبية؟! 3- و إذا
كان المقصود من قوله تعالى «و ما تأخّر» هو الذنوب المستقبلية! فكيف يمكن أن تكون
الذنوب الآتية تحت دائرة العفو و المغفرة. أليس مثل هذا التعبير ترخيصا لارتكاب
الذنب؟! و قد أجاب كلّ من المفسّرين بنحو خاص على مثل هذه الإشكالات، و لكن للحصول
على الإجابة «الجامعة» لهذه الإشكالات و التّفسير الدقيق لهذه الآيات لا بدّ من
ذكر مقدمة لهذا البحث و هي:
إنّ المهم هو العثور على العلاقة الخفيّة بين فتح الحديبيّة و مغفرة الذنب
لأنّها المفتاح الأصيل للإجابة على الأسئلة الثّلاثة المتقدّمة! و بالتدقيق في
الحوادث التاريخية و ما تمخّضت عنه نصل إلى هذه النتيجة، و هي أنّه حين يظهر أيّ
مذهب حق و يبرز في عالم الوجود فإنّ أصحاب السنن الخرافية الذين يرون أنفسهم و
وجودهم في خطر يكيلون التهم و الأمور التافهة إليه و يشيعون الشائعات و الأباطيل و
ينشرون الأراجيف الكاذبة بصدده و ينسبون إليه الذنوب العديدة و ينتظرون عاقبته و
إلى أين ستصل؟! فإذا واجه هذا المذهب في مسيره الاندحار فإنّ ذلك يكون ذريعة قوية