و آخرون أنّه إشارة إلى انفتاح أسرار العلوم على النّبي صلى اللّه عليه و آله
و سلّم.
غير أنّ قرائن كثيرة لدينا ترجح أنّ هذا الفتح هو ما يتعلّق بموضوع صلح
الحديبية.
و من الأفضل و قبل الولوج في تفسير الآيات أن نعرض و لو بشكل مضغوط قصة صلح
الحديبيّة ليتّضح «المقام» و ليكون هذا العرض الموجز بمثابة شأن نزول الآيات أيضا.
قصّة «صلح الحديبية»:
في السنة السادسة للهجرة و في شهر ذي القعدة منها تحرّك النّبي نحو مكّة لأداء
مناسك العمرة و رغب المسلمين جميعا في هذا الأمر .. غير أنّ قسما منهم امتنع عن
ذلك، في حين أنّ معظم المهاجرين و الأنصار و جماعة من أهل البادية عزموا على
الاعتمار [1] مع
النّبي فساروا نحو مكّة! ...
فأحرم هؤلاء المسلمون الذين كانوا مع النّبي و كان عددهم في حدود «الألف و
الأربعمائة» و لم يحملوا من أسلحة الحرب شيئا سوى السيوف التي كانت تعدّ أسلحة
للسفر فحسب!.
و لمّا وصل النّبي إلى «عسفان» التي لا تبعد عن مكّة كثيرا أخبر أنّ قريشا
تهيّأت لصدّه و صمّمت على منعه من الدخول إلى مكّة. و لمّا بلغ النّبي الحديبيّة
[و هي قرية على مسافة عشرين كيلو مترا من مكّة و سمّيت بذلك لوجود بئر فيها
الصافي و العلّامة الطباطبائي في الميزان .. في حين أنّ بعض المفسّرين يرجحون
أنّ المراد من هذا الفتح هو فتح مكّة كما هو في تفسير التبيان للطوسي، و الكشاف
للزمخشري و تفسير الفخر الرازي و غيرهم .. أمّا العلّامة الطبرسي فقد جمع بين
القولين في مجمع البيان مع أقوال أخرى إلّا أنّه يميل إلى تفسير الطائفة الثانية
..
[1]- الاعتمار مصدر من: اعتمر و
العمرة أو اسم مصدر من عمر و كلا المصدرين بمعنى واحد و هو الزيارة مطلقا (لغة)
غير أنّه اصطلح عليهما في زيارة بيت اللّه خاصّة.