responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 386

نعم، لقد كانت قلوب هؤلاء مملوءة غيظا و حقدا شديدا على النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم و المؤمنين، و كانوا يتحيّنون الفرص لإنزال الضربة بهم، فهنا يحذّرهم القرآن بأن لا يظنّوا أنّ بإمكانهم أن يخفوا وجههم الحقيقي دائما، و لذلك فإنّ الآية التالية تضيف:

وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ‌ فنجعل في وجوههم علامات تعرفهم بها إذا رأيتهم، و تراهم رأي العين فتنظر واقعهم عند ما تنظر ظاهرهم.

ثمّ تضيف: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ‌ فيمكنك في الحال أن تعرفهم من خلال نمط كلامهم.

يقول الراغب في مفرداته: «اللحن» عبارة عن صرف الكلام عن قواعده و سننه، أو إعرابه على خلاف حاله، أو الكناية بالقول بدلا من الصراحة. و المراد في الآية مورد البحث هو المعنى الثّالث، أي: يمكن معرفة المنافقين مرضى القلوب من خلال الكناية في كلامهم، و تعبيراتهم المؤذية التي تنطوي على النفاق.

حينما يكون الكلام عن الجهاد، فإنّهم يسعون إلى إضعاف إرادة الناس و معنوياتهم، و حينما يكون الكلام عن الحق و العدالة، فإنّهم يحرّفونه بنحو من الأنحاء، و إذا ما أتى الحديث عن الصالحين المتّقين السابقين إلى الإسلام، فإنّهم يسعون إلى تشويه سمعتهم، و تقليل أهميتهم و مكانتهم، و لذلك روي عن «أبي سعيد الخدري» حديثه المعروف الذي يقول فيه: لحن القول بغضهم علي بن أبي طالب، و كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه ببغضهم علي بن أبي طالب‌ [1].

نعم، لقد كانت إحدى العلامات البارزة للمنافقين أنّهم كانوا يعادون أوّل من آمن من الرجال، و أول مضح في سبيل الإسلام، و يبغضونه.


[1]- مجمع البيان، ذيل الآيات مورد البحث. ثمّ إنّ جماعة من كبار العامّة نقلوا مضمون هذا الحديث في كتبهم، و من جملتهم:

أحمد بن حنبل في كتاب الفضائل، و ابن عبد البر في الإستيعاب، و الذهبي في تاريخ أوّل الإسلام، و ابن الأثير في جامع الأصول، و العلّامة الگنجي في كفاية الطالب، و محب الدين الطبري في الرياض النضرة، و السيوطي في الدر المنثور، و الآلوسي في روح المعاني، و أورده جماعة آخرون في كتبهم، و هو يبيّن أنّها إحدى الروايات المسلمة عن الرّسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلّم لمزيد من الإيضاح يراجع إحقاق الحق، المجلد الثّالث، صفحة 110 و ما بعدها.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست