فنقرأ في الآية (50) من سورة الأنبياء: وَ
هذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ.
و في الآية (29) من سورة ص: كِتابٌ
أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ.
و جاء في الآية (19) من سورة الأنعام: وَ
أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ.
و تقول الآية الأولى من سورة إبراهيم:
كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى
النُّورِ.
و أخيرا، جاء في الآية (82) من سورة الإسراء: وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ
لِلْمُؤْمِنِينَ.
و لهذا، فإنّ القرآن الكريم يجب أن يأخذ مكانه من حياة المسلمين، و يكون في
صميمها لا على هامشها، و عليهم أن يجعلوه قدوتهم و أسوتهم، و أن ينفذوا كلّ
أوامره، و أن يجعلوا خطوط حياتهم و طبيعتها منسجمة معه.
لكنّ، جماعة من المسلمين- مع الأسف الشديد- لا يتعاملون مع القرآن إلّا على
أنّه مجموعة أوراد و أذكار، فهم يتلونه جميعا تلاوة مجرّدة، و يهتمون أشدّ
الاهتمام بالتجويد و مخارج الحروف و حسن الصوت، و أكثر شقاء المسلمين و تعاستهم
يكمن في أنّهم أخرجوا القرآن عن كونه دستورا جامعا لحياة البشر، و اكتفوا بترديد
ألفاظه، و قنعوا بذلك.
و الجدير بالانتباه أنّ الآيات مورد البحث تقول بصراحة: إنّ هؤلاء المنافقين
المرضى القلوب لم يتدبّروا في القرآن، فلاقوا هذا المصير الأسود.
«التدبّر» من مادة دبر، و هو تحقيق و
بحث نتائج الشيء و عواقبه، بعكس «التفكر» الذي يقال غالبا عن علل الشيء و
أسبابه، و استعمل كلا التعبيرين في القرآن.
لكن، ينبغي أن لا ننسى أنّ الاستفادة من القرآن تحتاج إلى نوع من تهذيب النفس
و جهادها، و إن كان القرآن بنفسه معينا في تهذيبها، لأنّ القلوب إذا كانت