المنافقين عادة، و ما احتمله بعض المفسّرين من أنّ المراد ضعفاء الإيمان لا
ينسجم مع سائر آيات القرآن، بل و لا مع الآيات السابقة لهذه الآيات و التي بعدها،
التي تتحدّث جميعا عن المنافقين.
و على أية حال، فإنّ الآية تضيف في النهاية جملة قصيرة، فتقول: فَأَوْلى لَهُمْ.
إنّ جملة فَأَوْلى لَهُمْ تعبّر في الأدب العربي عن التهديد و اللعنة، و تمنّي التعاسة و الفناء للآخر [1].
و فسّرها البعض بأنّها تعني: الموت أولى لهم، و لا مانع من الجمع بينها كما
أوردنا في تفسير الآية.
و تضيف الآية التالية: طاعَةٌ وَ
قَوْلٌ مَعْرُوفٌ[2].
إنّ التعبير ب قَوْلٌ مَعْرُوفٌ يمكن أن يكون في مقابل الكلمات الهزيلة المنكرة التي كان يتفوّه بها
المنافقون بعد نزول آيات الجهاد، فقد كانوا يقولون تارة لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ[3]، و أخرى: وَ إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً[4]، و ثالثة كانوا
يقولون: هَلُمَّ إِلَيْنا[5]، من أجل إضعاف المؤمنين و إعاقتهم عن التوجّه
إلى ميدان الجهاد.
و لم يكونوا يكتفون بعدم ترغيب الناس في أمر الجهاد، بل كانوا يبذلون قصارى
جهودهم من أجل صدّهم عن الجهاد، أو تثبيط معنوياتهم و عزائمهم على الأقل.
[1]- اعتقد جماعة أنّ معنى الجملة
يصبح: يليه مكروه، و هو يعادل معنى ويل لهم.
[2]- (طاعة) مبتدأ، و خبره محذوف، و
التقدير: طاعة و قول معروف أمثل لهم، و اعتبرها البعض خبرا لمبتدأ محذوف، و كان
التقدير: أمرنا طاعة، إلّا أنّ المعنى الأوّل هو الأنسب.