المطر غيضا، و يغيض الكرام غيضا، و يحتقر الرجل المعسر، فعندها تقارب الأسواق،
قال هذا: لم أبع شيئا، و قال هذا: لم أربح شيئا، فلا ترى إلّا ذاما للّه».
قال سلمان: و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟
قال: «إي و الذي نفسي بيده. يا سلمان: فعندها يليهم أقوام إن تكلّموا قتلوهم،
و إن سكتوا استباحوهم، ليستأثرون بفيئهم، و ليطؤن حرمتهم، و ليسفكن دماءهم، و
ليملؤن قلوبهم دغلا و رعبا، فلا تراهم إلّا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين».
فقال سلمان: و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟
قال: «إي و الذي نفسي بيده. يا سلمان: إنّ عندها يؤتى بشيء من المشرق، و شيء
من المغرب [فقوانين من الشرق، و قوانين من الغرب] يلون أمّتي، فالويل لضعفاء
أمّتي منهم، و الويل لهم من اللّه، لا يرحمون صغيرا، و لا يوقّرون كبيرا، و لا
يتجافون عن مسيء، جثّتهم جثة الآدميين، و قلوبهم قلوب الشياطين».
قال سلمان: و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟
قال: «إي و الذي نفسي بيده. يا سلمان: و عندها يكتفي الرجال بالرجال و النساء
بالنساء، و يغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، و تشبه الرجال
بالنساء، و النساء بالرجال، و تركب ذوات الفروج السروج [و يظهرن أنفسهن] فعليهن
من أمّتي لعنة اللّه».
قال سلمان: و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟
قال: «إي و الذي نفسي بيده. يا سلمان: إنّ عندها تزخرف المساجد كما تزخرف
الكنائس و تحلى المصاحف [دون أن يعمل بها] و تطول المنارات، و تكثر الصفوف، قلوب
متباغضة، و ألسن مختلفة».
قال سلمان: و إنّ هذا لكائن يا رسول اللّه؟
قال: «إي و الذي نفسي بيده. يا سلمان: و عندها تحلّى ذكور أمّتي بالذهب، و
يلبسون الحرير و الديباج، و يتّخذون جلود النمور صفافا».