إشارة الى زعماء الكفر و مشركي مكّة الذين كانوا يشعلون نار الحروب ضد الإسلام،
و لم يكتفوا بكونهم كفارا، بل كانوا يصدون الآخرين عن سبيل اللّه بأنواع الحيل و
الخدع و المخططات.
و مع أنّ بعض المفسّرين- كالزمخشري في الكشّاف- فسّر «الصدّ» هنا بمعنى
الإعراض عن الإيمان، في مقابل الآية التالية التي تتحدث عن الإيمان، إلّا أنّ
الإحاطة بموارد استعمال هذه الكلمة في القرآن الكريم توجب الحفاظ على معناها
الأصلي، و هو المنع.
و المراد من: أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ أنّه يحبطها و يجعلها هباء منثورا، لأنّ الإحباط و الإضاعة
كناية عن بقاء الشيء بدون حماية و لا عماد، و لازم ذلك زواله و فناؤه.
و على أية حال، فإنّ بعض المفسّرين يرون أنّ هذه الجملة إشارة إلى الذين نحروا
الإبل يوم بدر و أطعموها الناس، إذ نحر أبو جهل عشرة من الإبل، و مثله صفوان، و
سهيل بن عمر، لإطعام جيش الكفر [1]. لكن لمّا كانت هذه الأعمال من أجل التفاخر و مكائد
الشيطان فقد أحبطت جميعا.
غير أنّ الظاهر أنّها لا تنحصر بهذا المعنى، بل إنّ كلّ أعمالهم التي قاموا
بها، و ظاهرها معونة للفقراء و الضعفاء، أو إقراء للضيف، أو غير ذلك ستحبط لعدم
إيمانهم.
و بغض النظر عن ذلك، فإنّ ذلك، فإنّ اللّه سبحانه قد أحبط كلّ مؤامراتهم و ما
قاموا به من أعمال لمحو الإسلام و القضاء على المسلمين، و حال بينهم و بين الوصول
إلى أهدافهم الخبيثة.
و الآية التالية وصف لوضع المؤمنين الذين يقفون في الصف المقابل للكافرين
الذين وردت صفاتهم في الآية السابقة، فتقول: