responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 290

فِيهِ‌ [1] فقد كانوا أقوى منكم من الناحية الجسمية، و أقدر منكم من ناحية المال و الثروة و الإمكانات المادية، فإذا كان بإمكان القوّة الجسمية و المال و الثروة و التطور المادي أن تنقذ أحدا من قبضة الجزاء الإلهي، فكان ينبغي على قوم عاد أن يصمدوا أمام العاصفة و لا يكونوا كالقشة في مهب الرياح، تتقاذفهم كيف شاءت و لا يبقى من آثارهم إلّا أطلال مساكنهم! إنّ هذه الآية شبيهة بما ورد في سورة الفجر في شأن قوم عاد: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ [2].

أو هي نظير ما جاء في الآية (36) من سورة ق: وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً.

و خلاصة القول: إنّ الذين كانوا أشدّ منكم و أقوى، عجزوا عن الوقوف أمام عاصفة العذاب الإلهي، فكيف بكم إذن؟

ثمّ تضيف الآية: وَ جَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَ أَبْصاراً وَ أَفْئِدَةً [3] فقد كانوا أقوياء في مجال إدراك الحقائق و تشخيصها أيضا، و كانوا يدركون الأمور جيدا، و كانوا يستغلون هذه المواهب الإلهية من أجل تأمين حاجاتهم و مآربهم المادية على أحسن وجه، لكن: فَما أَغْنى‌ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَ لا أَبْصارُهُمْ وَ لا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ‌ [4] و أخيرا: وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ‌.

نعم، لقد كان أولئك مجهزين بالوسائل المادية، و بوسائل إدراك الحقيقة، إلّا أنّهم لما كانوا يتعاملون مع آيات اللّه بمنطق الاستكبار و العناد، و كانوا يتلقون كلام‌


[1]- «إن» في جملة (إن مكّناكم فيه) نافية و لدينا شواهد متعددة من آيات القرآن الكريم وردت في المتن. إلّا أنّ البعض اعتبرها شرطية، أو زائدة و لا نرى ذلك صوابا.

[2]- الفجر، الآيات 6 إلى 8.

[3]- يجدر الانتباه إلى أنّ الأبصار و الأفئدة وردت بصيغة الجمع، في حين أنّ السمع قد ورد بصيغة المفرد، و يمكن أن يكون هذا الاختلاف بسبب أنّ للسمع معنى المصدر، و المصدر يستعمل دائما بصيغة المفرد، أو لوحدة المسموعات أما تفاوت المرئيات و المدركات.

[4]- من في (من شي‌ء) زائدة و للتأكيد، أي لم ينفعهم أي شي‌ء.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 290
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست