يأمره بأخذ البيعة من الناس لابنه يزيد، و كان «عبد الرحمن بن أبي بكر» حاضرا
في المجلس، فقال: يريد معاوية أن يجعل هذا الأمر هرقليا و كسرويا- ملكي الروم و
فارس- إذا مات الآباء جعلوا أبناءهم مكانهم، و إن لم يكونوا أهلا لذلك، أو كانوا
فساقا؟
فصاح مروان من على المنبر: صه، فأنت الذي نزلت فيه: وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما.
و كانت «عائشة» حاضرة، فقالت: كذبت، و إنّي لأعلم فيمن نزلت هذه الآية، و لو
شئت لأخبرتك باسمه و نسبه، لكن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لعن أباك و
أنت في صلبه، فأنت فضض من لعنة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم [1].
أجل ... و لقد كان ذنب عبد الرحمن عشقه و محبّته لأمير المؤمنين علي عليه
السّلام، و هو أمر كان يسوء بني أمية كثيرا، هذا من جهة.
و من جهة أخرى فإنّه كان مخالفا لصيرورة الخلافة وراثية، و تبديلها إلى سلطنة،
و كان يعتبر أخذ البيعة ليزيد نوعا من الانحراف نحو الكسروية و الهرقلية، و لذلك
أصبح غرضا لأعداء الإسلام الألداء، أي آل أميّة، فحرّفوا آيات القرآن فيه.
و كم هو مناسب الجواب الذي أجابت به عائشة مروان بأنّ اللّه سبحانه لعن أباك
إذ كنت خلفه، و هو إشارة إلى الآية (60) من سورة الإسراء حيث تقول:
(1)- أبو الفتوح الرازي في تفسيره،
المجلد 10، صفحة 159، و نقل هذه الرواية بتفاوت يسير في مجلد 9، صفحة 6017.
(2)- يراجع لتفسير هذه الآية ذيل
الآية (60) من سورة الإسراء. و ينبغي الالتفات إلى أنّ «مروان بن الحكم» هو ابن
«أبي العاص»، و هذا بدوره ابن «أميّة» أيضا.