responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 267

العاقل المؤمن إذا بلغ سن الأربعين، يطلب من ربّه ثلاث طلبات، فيقول أولا:

قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى‌ والِدَيَ‌ [1].

إنّ هذا التعبير يوحي بأنّ الإنسان يدرك في هذه السن عمق نعم اللّه سبحانه وسعتها، و كذلك يدرك ما تحمله أبواه من الجهود المضنية حتى بلغ هذا المقدار من العمر، و ذلك لأنّه غالبا ما يصبح في هذا العمر أبا إن كان ذكرا، و أمّا إن كانت أنثى، و يرى بأم عينه كلّ تلك الجهود التي بذلت من أجله، و مدى الإيثار الذي آثره أبواه في سبيله، و شكرا لسعيهما يتوجّه لا إراديا لشكر اللّه سبحانه.

أمّا طلبه الثّاني فهو: وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ‌.

و أخيرا يقدم طلبه الأخير فيقول: وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي‌.

إنّ التعبير ب (لي) يشير ضمنية إشارة إلى أنّه يرجو أن يكون أولاده في وضع من الصلاح و الخير بحيث تعود نتائجه و حسناته عليه.

و التعبير ب (في ذريتي) بصورة مطلقة، يشير الى استمرار الخير و الصلاح في كلّ نسله و ذريته.

و الطريف أنّه يشرك أبويه في دعائه الأوّل، و أولاده في الدعاء الثالث، أمّا الدعاء الثّاني فيخص نفسه به، و هكذا يكون الإنسان الصالح، فإنّه إذا نظر إلى نفسه بعين، ينظر بالأخرى إلى الآخرين الذين تفضلوا عليه و لهم حق في رقبته.

و تبيّن الآية في نهايتها مطلبين، كلّ منهما تبيان لبرنامج عملي مؤثر، فتقول:

إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ‌ فقد بلغت مرحلة يجب أن أعين فيها مسير حياتي، و أسير في ذلك الخط ما حييت.

نعم، لقد بلغت الأربعين، و يقبح بعبد مثلي أن يأتيك و لم يغسل نفسه بماء التوبة، و لم يطهرها بالعودة إلى طريق ربّه و يقرع باب رحمته.

و الآخر: وَ إِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ‌.


[1]- «أوزعني» من مادة (الإيزاع) التي وردت بعدّة معان: الإلهام، و المنع من الانحراف، و إيجاد العشق و المحبة، و التوفيق.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 267
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست