لقد جمعت في الواقع كلّ مراتب الإيمان، و كلّ الأعمال الصالحة في هاتين
الجملتين، لأنّ التوحيد أساس كلّ المعتقدات الصحيحة، و كلّ أصول العقائد ترجع الى
أصل التوحيد. كما أنّ الاستقامة و الصبر و التحمل و الصمود أساس كلّ الأعمال
الصالحة، لأنّا نعلم أنّه يمكن تلخيص كلّ أعمال الخير في ثلاثة: «الصبر على
الطاعة»، و «الصبر عن المعصية»، و «الصبر على المصيبة».
و بناء على هذا، فإنّ «المحسنين» هم السائرون على خط التوحيد من الناحية
العقائدية، و في خط الاستقامة و الصبر من الناحية العملية.
و من البديهي أنّ أمثال هؤلاء الأفراد لا يخافون من حوادث المستقبل، و لا
يغتمون لما مضى.
و قد ورد نظير هذا المعنى- بتوضيح أكثر- في الآية (30) من سورة فصلت حيث تقول: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ
اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا
تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ.
إنّ هذه الآية تضيف شيئين:
الأوّل: أنّهم بشروا بعدم الخوف و الحزن من قبل الملائكة، في حين سكتت الآية
مورد البحث عن هذا.
و الثّاني: أنّه إضافة إلى نفي الخوف و الحزن عنهم، فقد وردت البشارة بالجنّة
أيضا في آية سورة فصلت، في حين أنّ هذه البشارة وردت في الآية اللاحقة في محل
كلامنا.
و على أية حال، فإنّ الآيتين تبحثان مطلقا واحدا، غايته أن أحداهما أكثر
تفصيلا من الأخرى.
و نقرأ في تفسير علي بن إبراهيم في تفسير جملة: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ
اسْتَقامُوا قال: استقاموا على ولاية علي أمير المؤمنين
عليه السّلام. و ذلك أنّ إدامة خط