تبيّن هذه الآية في مجموعها خمس نعم أنعم اللّه بها على بني إسرائيل، و
بالإضافة إلى النعمة الأخرى التي سيأتي ذكرها في الآية التالية تشكل ست نعم عظيمة.
النعمة الأولى هي الكتاب السماوي، أي التوراة التي كانت مبينة للمعارف الدينية
و الحلال و الحرام، طريق الهداية و السعادة.
و الثانية مقام الحكومة و القضاء، لأنا نعلم أنّهم كانوا يمتلكون حكومة قوية
مترامية الأطراف، فلم يكن داود و سليمان وحدهما حاكمين و حسب، بل إنّ كثيرا من بني
إسرائيل قد تسلموا زمام الأمور في زمانهم و عصورهم.
«الحكم» في التعبيرات القرآنية يعني
عادة القضاء و الحكومة، لكن لما كان مقام القضاء، يشكل جزء من برنامج الحكومة
دائما، و لا يمكن للقاضي أن يؤدي واجبه من دون حماية الدولة و قوّتها، فإنّه يدل
دلالة التزامية على مسألة التصدي و تسلم زمام الأمور.
و نقرأ في الآية (44) من سورة المائدة في شأن التوراة: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا.
أمّا النعمة الثالثة فقد كانت نعمة مقام النبّوة، حيث اصطفى اللّه سبحانه
أنبياء كثيرين من بني إسرائيل.
و قد ورد في رواية أنّ عدد أنبياء بني إسرائيل بلغ ألف نبي [1]، و في رواية
أخرى: إن عدد أنبياء بني إسرائيل أربعة آلاف نبي [2].