و الرطب،
الشمس و القمر، الجنّة و النّار، إلّا ذات اللَّه المقدّسة فإنّها أحديّة، و لا
سبيل للزوجيّة إليها أبدا.
لكن كما قلنا،
فإنّ القرائن الموجودة توحي بأنّ المراد هو «أزواج الحيوانات»، و نعلم أنّ قانون
الزوجيّة سنّة حياتيّة في كلّ الكائنات الحيّة، و العيّنات النادرة الاستثنائية لا
تقدح بعموميّة هذا القانون.
و اعتبر
البعض «الأزواج» بمعنى أصناف الحيوانات، كالطيور و الدواب و المائيّات و الحشرات و
غيرها.
و في المرحلة
الخامسة تبيّن الآيات آخر نعمة من هذه السلسلة، و هي المراكب التي سخّرها اللَّه
سبحانه للبشر لطيّ الطرق البريّة و البحريّة، فيقول سبحانه:
وَ
جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَ الْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ.
إنّ هذه
النعمة هي إحدى مواهب اللَّه سبحانه للبشر، و كراماته التي منّ بها عليهم، و هي لا
تلاحظ في الأنواع الأخرى من الموجودات، و ذلك أنّ اللَّه سبحانه قد حمل الإنسان
على المراكب التي تعينه في رحلاته البحريّة و الصحراويّة، كما جاء ذلك في الآية
(70) من سورة الإسراء: وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ
وَ حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَ
فَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا.
و الحقّ أنّ
وجود هذه المراكب يضاعف أنشطة الإنسان و يوسّع حياته عدّة أضعاف، و حتّى الوسائل
السريعة السير التي نراها اليوم، و التي صنعت بالاستفادة من مختلف خواصّ
الموجودات، و وضعت تحت تصرّف الإنسان، فإنّها من ألطاف اللَّه الظاهرة، تلك
الوسائل التي غيّرت وجه حياته، و منحت كلّ شيء السرعة، و أهدت له كلّ أنواع
الراحة.
و تذكر الآية
التالية الهدف النهائي لخلق هذه المراكب فتقول:
لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا
اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَ تَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما
كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ.