responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 199

و مطيعة لأمركم، و منفذة لإرادتكم، لتتمتعوا بنعمه و مواهبه سبحانه، و لا تذهلوا في سكرة الغفلة عنه.

و مما يستحق الانتباه أنّه يقول: جَمِيعاً مِنْهُ‌ [1] فإذا كانت كلّ النعم منه، و هو خالقها و ربها و مدبرها جميعا، فلما ذا يعرض الإنسان عنه و يلجأ إلى غيره، و يتسكع على اعتبار المخلوقات الضعيفة، و يبقى في غفلة و ذهول عن المنعم الحقيقي عليه؟ و لذلك تضيف الآية في النهاية: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ‌.

لقد كانت الآية السابقة تلامس عاطفة الإنسان و تحاول إثارتها، و هنا تحاول هذه الآية تحريك عقل الإنسان و فكره، فما أعظم رحمة ربّنا سبحانه!! إنّه يتحدث مع عباده بكلّ لسان و أسلوب يمكن أن يطبع أثره، فمرّة بحديث القلب، و أخرى بلسان الفكر، و الهدف واحد من كلّ ذلك، ألا و هو إيقاظ الغافلين و دفعهم إلى سلوك السبيل القويم.

و قد أوردنا بحثا مفصلا حول تسخير مختلف موجودات العالم في ذيل الآيات 31- 33 من سورة إبراهيم.

ثمّ تطرقت الآية التالية إلى ذكر قانون أخلاقي يحدد كيفية التعامل مع الكفار لتكمل أبحاثها المنطقية السابقة عن هذا الطريق، فحولت الخطاب إلى النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم و قالت: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ‌.

فمن الممكن أن تكون معاملة هؤلاء قاسية، و تعبيراتهم خشنة غير مؤدبة، و ألفاظهم بذيئة، و ذلك لبعدهم عن مبادئ الإيمان و أسس التربية الإلهية، غير أنّ عليكم أن تقابلوهم بكلّ رحابة صدر لئلا يصروا على كفرهم و يزيدوا في تعصبهم،


[1]- ثمّة احتمالات عديدة في إعراب (جميعا منه) و تركيبها، فقد احتمل الزمخشري في الكشاف احتمالين: الأول: إنّ (جميعا منه) حال ل (ما في السموات و ما في الأرض) أي إنّها جميعا مسخرة لكم لكنّها منه سبحانه. و الآخر: إنّه خبر لمبتدأ محذوف، و التقدير: هي منه جميعا.

و احتمل البعض أيضا أن تكون تأكيدا ل (ما في السموات و ما في الأرض).

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست