[1][2] لمّا كان كثير من المشركين يعتقدون بوجود آلهة و أرباب عديدين، و كانوا يظنون
أن لكل موجود من الموجودات إله. و لمّا كان التعبير ب (ربّك) في الآية السابقة
يمكن أن يوهم أن ربّ النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم غير ربّ الموجودات
الأخرى، فإن هذه الآية أبطلت كل هذه الأوهام بجملة رَبِّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما و أثبتت أن ربّ كل موجودات العالم واحد.
و جملة إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ التي وردت هنا بصيغة الجملة الشرطية، تبعث على التساؤل: هل
أن كون ربّ العالم ربّا، مشروط بمثل هذا الشرط؟
الظاهر أن المراد من ذكر هذه الجملة هو بيان أحد معنيين أو كليهما:
الأوّل: إذا كنتم طلاب يقين، فإنّ السبيل إلى ذلك هو أن تتفكروا في ربوبية
اللّه المطلقة.
و الآخر: إذا كنتم من أهل اليقين فإن أفضل مورد لتحصيل هذا اليقين هو أن
تتفكروا في آثار رحمة اللّه، فإنّكم إذا نظرتم إلى الآثار في كل عالم الوجود دلتكم
على أن اللّه ربّ كل شيء، و إذا فلقتم قلب كل ذرّة رأيتم فيه دلالة على هذه
الربوبية، ثمّ إذا لم توقنوا بعد هذا بكونه تعالى ربا، فبأي شيء في هذا العالم
يمكن أن توقنوا و تؤمنوا؟
و تقول في الصفة الرابعة و الخامسة و السادسة لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَ يُمِيتُ[3] فحياتكم و
مماتكم بيده، و هو سبحانه ربكم و رب العالمين، و على هذا فلا إله سواه، أو يكون من
ليس له مقام الربوبية و لا أهليتها، و لا يملك الحياة و الموت ربّا
[1]- كلمة (ربّ) في هذه الآية بدل من
(ربّ) في الآية السابقة.
[2]- جزاء الجملة الشرطية (إن كنتم
موقنين) محذوف، و تقدير الكلام: إن كنتم من أهل اليقين، أو في طلب اليقين، علمتم
أن اللّه ربّ السماوات و الأرض و ما بينهما.
[3]- يمكن أن تكون جملة (لا إله إلا
هو) استئنافية، أو خبرا لمبتدأ محذوف تقديره: هو لا إله إلا هو لا. إلا أن
الاحتمال الأول هو الأنسب.