هذا المثال ينطبق على (المشرك) و (الموحد) فالمشرك يعيش في وسط المتضادات و
المتناقضات، و كل يوم يتعلق قلبه بمعبود جديد، فلا استقرار في حياته و لا اطمئنان
و لا مسير واضح يسلكه. أما الموحّدون فإنّهم يعشقون اللّه وحده، و في كلّ الأحوال
يلجؤون إلى ظلّ لطفه، و لا تنظر عيونهم إلى سواه، فطريقهم و نهجهم واضح، و مصيرهم
و نهايتهم واضحة أيضا.
و
جاء في حديث لأمير المؤمنين عليه السلام «أنا ذاك الرجل السلم لرسول اللّه» [1].
و
ورد في حديث آخر عنه أيضا «الرجل السلم
للرجل حقا عليّ و شيعته» [2].
و في نهاية الآية يقول تعالى: الْحَمْدُ
لِلَّهِ فاللّه سبحانه و تعالى بذكره لتلك الأمثال
يرشدكم إلى أفضل السبل، و يضع تحت تصرفكم أوضح الدلائل لتشخيص الحقّ عن الباطل،
فالبارئ عزّ و جلّ يدعو الجميع إلى الإخلاص و في ظل الإخلاص تكون السكينة و
الراحة، فهل هناك نعمة أفضل من هذه، و هل هناك أمر آخر يستحق الحمد و الشكر أكثر
من هذه النعمة؟! و لكن أكثرهم لا يعلمون رغم وجود هذه الدلائل الساطعة، إذ أنّ حبّ
الدنيا و الشهوات الطاغية عليهم يجعلهم يضلون عن طريق الحقيقة: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ.
و تتمّة لبحث الآيات السابقة بشأن التوحيد و الشرك، تتحدث الآية التالية عن
نتائج الشرك و التوحيد في موقف القيامة.
إذ تبدأ بمسألة الموت الذي هو بوابة القيامة، و تبيّن لكلّ البشرية أنّ قانون
الموت عامّ، و شامل للجميع: إِنَّكَ
مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ[3].
[1]- نقله (الحاكم أبو القاسم
الحسكاني) في شواهد التنزيل.
[2]- نقله العياشي في تفسيره مجمع
البيان، ذيل آيات البحث.
[3]- عبارة إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ على الظاهر تعطي معنى موت الجميع في الوقت الحاضر، و هي من
قبيل (المضارع المتحقق الوقوع) الذي يأتى أحيانا بصورة حال و أحيانا اخرى بصورة
الماضي.