و كم هي
جميلة التعابير القرآنية في هذا المجال، و ذلك عند ما تصف البعض بأنّهم ذو و صدور
منشرحة و أرواح واسعة، و تصف البعض الآخر بأنّهم ذو و صدور ضيقة، كما ورد في الآية
(125) من سورة الأنعام: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ
يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ
يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ.
هذا الموضوع
يتّضح بصورة كاملة في حالة دراسة أوضاع و أحوال الأشخاص، فالبعض لهم صدور منشرحة
رحبة تتسع لاستيعاب أيّ مقدار من الحقائق، في حين أنّ البعض الآخر على العكس، إذ
أنّ صدورهم ضيقة و أفكارهم محدودة لا يمكنها أحيانا استيعاب أيّ حقيقة، و كأن
عقولهم محاطة بجدران فولاذية لا يمكن اختراقها. و بالطبع لكلّ واحد منهما أسبابه.
فالدراسة
الدائمة و المستمرة و الاتصال بالعلماء و الحكماء الصالحين، و بناء الذات و تهذيب
النفس، و اجتناب الذنوب و خاصة أكل الطعام الحرام، و ذكر اللّه دائما، كلها أسباب
و عوامل لانشراح الصدر، و على العكس فإنّ الجهل و الذنب و العناد و الجدل و
الرياء، و مجالسة أصحاب السوء و الفجار و المجرمين و عبيد الدنيا و الشهوات، كلّها
تؤدّي إلى ضيق الصدر و قساوة القلب.
فعند ما يقول
القرآن الكريم: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ
لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً.
فهذه الإرادة و عدم الارادة ليست اعتباطية و بدون دليل. بل هي نابعة من اعماقنا و
ذواتنا في البداية.
و
قد ورد
حديث عن الإمام الصادق عليه السّلام جاء فيه: «أوحى
اللّه عزّ و جلّ إلى موسى: يا موسى لا تفرح بكثرة المال، و لا تدع ذكري على كلّ
حال، فإن كثرة المال تنسي الذنوب، و إن ترك ذكري يقسي القلوب»
[1].
و
في حديث
آخر عن أمير المؤمنين عليه السّلام، جاء فيه: «ما جفت
الدموع إلّا
[1]- بحار الأنوار، المجلد 70، الصفحة 55،
الحديث 23.