للنبوغ الفكري للأنبياء، و يقول: إنّ الأنبياء كانوا أفرادا ذوي فطرة طاهرة و
نبوغ خارق، حيث كانوا يدركون مصالح المجتمع الإنساني، و بواسطته يضعون له المعارف
و القوانين.
و هذا الكلام في الواقع ينكر بصراحة نبوّة الأنبياء، و يكذب أقوالهم، و يتهمهم
بأنواع الأكاذيب (العياذ باللّه).
و بعبارة أوضح فإنّ أيّا ممّا ذكرناه لا يعتبر تفسيرا للوحي، و إنّما هي
افتراضات مطروحة في حدود الأفكار، و لأنّهم أصروا على عدم الاعتراف بوجود قضايا
اخرى خارج إطار معلوماتهم، لذا فإنّهم واجهوا الطريق المسدود.
الكلام الحق في الوحي:
لا يمكننا الاحاطة- بلا شك- بحقيقة الوحي و ارتباطاته، لأنّه نوع من الإدراك
خارج عن حدود إدراكنا، و هو ارتباط خارج عن حدود ارتباطاتنا المعروفة. فعالم الوحي
بالنسبة لنا عالم مجهول و فوق إدراكاتنا، فكيف يستطيع إنسان ترابي أن يرتبط مع
مصدر عالم الوجود؟! و كيف يرتبط الخالق الأزلي الأبدي مع مخلوق محدود و ممكن
الوجود! و كيف يتيقن النّبي عند نزول الوحي أن هذا الارتباط معه؟
هذه أسئلة يصعب الجواب عليها بالنسبة لنا، و لا داعي للإصرار على فهمها.
أميا الموضوع الذي يعتبر معقولا بالنسبة لنا و يمكن قبوله فهو وجود- أو
إمكانية وجود- هذا الارتباط المجهول.
فنحن نقول: لا يوجد أيّ دليل عقلي ينفي إمكانية مثل هذا الأمر، بل على العكس
من ذلك حيث نرى ارتباطات مجهولة في عالمنا نعجز عن تفسيرها، و هذه الارتباطات
تؤّكد وجود مرئيات و مدركات اخرى خارج حدود حواسنا و ارتباطاتنا.