ليس الظلم و الجور، و إنّما (بغى) تعني (طلب) أي يكون معنى الآية أنّهم يطلبون
أكثر و لا يشبعون.
إلّا أنّ التّفسير الأوّل مقبول من قبل عدّة مفسّرين و هو الأفضل كما يظهر،
لأن عبارة: يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ وردت عدة مرات في الآيات القرآنية بمعنى الفساد و الظلم في
الأرض، مثل: فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ
فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ[1] و إِنَّمَا
السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ
بِغَيْرِ الْحَقِ[2].
صحيح أن (بغى) وردت بمعنى (طلب) أيضا، إلّا أنّها متى ما تذكر مع كلمة (في
الأرض) فإنها تعني الفساد و الظلم في الأرض.
و هنا يطرح سؤالان:
الأوّل: لو كان تقسيم الأرزاق وفق هذا البرنامج، فلما ذا إذن نرى أشخاصا لهم
رزق وفير و قد أفسدوا و طغوا كثيرا في الدنيا و لم يمنعهم الخالق، سواء على مستوى
الأفراد، أو الدول الناهبة و الظالمة؟
و في الجواب على هذا السؤال يجب الانتباه إلى هذه الملاحظة، و هي أن بسط الرزق
أحيانا قد يكون أسلوبا للامتحان و الاختبار، لأن جميع الناس يجب أن يختبروا في هذا
العالم، فقسم منهم يختبرون بواسطة المال.
و أحيانا قد يكون بسط الرزق لبعض الافراد لكي يعلموا بأن الثروة لا تجلب
السعادة، فعسى أن يعثروا على الطريق و يرجعوا إلى خالقهم، و نحن الان نرى بعض
المجتمعات غرقى بأنواع النعم و الثروات، و في نفس الوقت شملتهم مختلف المصائب و
المشاكل، كالخوف، و القتل، و التلوث الخلقي، و القلق بأنواعه المختلفة.
فأحيانا تكون الثروة غير المحدودة نوعا من العقاب الإلهي الذي يشمل