و من الضروري الإشارة إلى هذه الملاحظة، و هي أنّه ورد في آخر الآية:
وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ. و هل هناك
حسنة أفضل من أن يكون الإنسان دائما تحت راية القادة الإلهيين، يحبّهم بقلبه، و
يستمر على خطهم، يطلب منهم التوضيح للقضايا المبهمة في كلام الخالق، يعتبرهم
القدوة و الأسوة و سيرتهم و عملهم هو المعيار.
الروايات الواردة في تفسير هذه الآية
الدليل الآخر على التّفسير أعلاه هو الروايات المتعددة الواردة في مصادر أهل
السنة و الشيعة، و المنقولة عن الرّسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم، حيث توضح أن
المقصود من (القربى) هم أهل البيت و المقربون و خاصة الرّسول، و على سبيل المثال
نذكر:
1-
ينقل (أحمد بن حنبل) في فضائل الصحابة بسنده عن سعيد بن جبير عن عامر: لما نزلت: قُلْ لا
أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا: يا رسول اللّه! و من قرابتك؟ من هؤلاء الذين وجبت
علينا مودّتهم؟ قال: «علي و فاطمة و ابناهما عليهم السلام، و قالها ثلاثا» [1].
2-
ورد في (مستدرك الصحيحين) أن الإمام علي بن الحسين عليه السّلام قال: عند استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي عليه السّلام، وقف
الحسن بن علي عليه السّلام يخطب في الناس، و كان ممّا قال: إنا من أهل البيت الذين
افترض اللّه مودتهم على كلّ مسلم، فقال تبارك و تعالى لنبيّه: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا
الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها
حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت [2].
[1]- إحقاق الحق، المجلد الثّالث، ص
2، كما ذكر القرطبي: أيضا هذه الرواية في نهاية الآية التي نبحثها المجلد الثامن،
ص 5843.
[2]- مستدرك الصحيحين، المجلد
الثَّالث، ص 172، و قد نقل محب الدين الطبري نفس هذا الحديث في الذخائر ص 137، كما
ذكر ابن حجر ذلك أيضا في الصواعق المحرقة، ص 101.