أمّا آخر جملة فتقوم بتوضيح حال الأشخاص الذين جاؤوا بعد هذه المجموعة، أي
الذين لم يدركوا عصر الرسل، بل جاؤا في فترة طبع فيها المنافقون و المفرقون
المجتمع البشري بطابعهم الشيطاني، لذا لم يستطيعوا إدراك الحق بشكل جيد، حيث تقول: وَ إِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ
لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ[1].
و قد ذكروا في حقيقة معنى كلمة (ريب) أن هذه الكلمة تطلق على الشك الذي يتبدل
إلى الحقيقة أخيرا بعد أن يزال الستار عنه، و قد يكون هذا الأمر إشارة إلى ظهور
نبيّ الإسلام صلّى اللّه عليه و اله و سلّم بالأدلة الواضحة، حيث محى آثار الشك و
الريب من قلوب طلّاب الحق.
ملاحظة
نقل تفسير علي بن إبراهيم عن الإمام الصادق عليه السّلام في قول اللّه تعالى: أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ قال الأمام، وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كناية عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السّلام ثمّ قال: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من أمر ولاية علي
اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ كناية
عن علي (ع) [2].
و بديهي أنّ المقصود ليس تحديد الدين في ولاية علي عليه أفضل الصلاة و السلام،
بل الهدف هو بيان هذه الحقيقة، و هي أنّ قضية ولاية أمير المؤمنين الإمام علي عليه
السّلام تعتبر من أركان الدين أيضا.
[1]- وفقا لهذا التّفسير الذي يتناسق
بشكل كامل مع الجمل السابقة، فإن ضمير (بعدهم) يعود إلى الأمم الأولى التي أوجدت
الفرقة بين المذاهب و الأديان، و ليس إلى الأنبياء المذكورين في الآية السابقة
(فدقق ذلك).