لذا فإنّ من لم يؤمن بهذا الكتاب و الدين العظيم فسوف لن يضروا اللّه تعالى و
لا يضروك، لأن الحسنات و السيئات تعود إلى أصحابها، و هم الذين سينالون حلاوة
أعمالهم و مرارتها.
مسائل:
أوّلا: الإختيار و العدالة
قوله تعالى: وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ دليل واضح على قانون الإختيار و حربة الإرادة، و فيه حقيقة
أنّ اللّه لا يعاقب أحدا بدون سبب، و لا يزيد في عقاب أحد دون دليل، فسياسته في
عباده العدالة المحضة، لأنّ الظلم يكون بسبب النقص و الجهل و الأهواء النفسية، و
الذات الإلهية المقدسة منزّهة عن كلّ هذه العيوب و النواقص.
كلمة «ظلّام» و التي هي صيغة مبالغة بمعنى «كثير الظلم»، يمكن أن تشير- هنا و
في آيات قرآنية اخرى- إلى أنّ العقاب دون سبب من قبل الخالق العظيم يعتبر مصداقا
للظلم الكثير، لأنّه تعالى منزّه عن هذا الفعل.
و ذهب بعضهم الى أن اللّه تعالى له عباد كثر، فلو أراد أن يظلم كلّ واحد منهم
بجزء يسير قليل، عندها سيكون مصداقا ل «ظلّام».
و هذان التّفسيران لا يتعارضان فيما بينهما.
المهم هنا أنّ القرآن و في هذه الآيات البينات نفى الجبر الذي يؤدي الى اشاعة
الفساد و ارتكاب أنواع القبائح، و الاعتقاد به يؤدي إلى إلغاء أي نوع من المسؤولية
و التكليف، بينما الجميع مسئولون عن أعمالهم، نتائجها تعود بالدرجة الأولى عليهم.