و المداراة و العفو، بينما السيئة بمعنى الغضب و الجهل و الخشونة.
و لكن التّفسير الأوّل هو الأفضل حسب الظاهر.
في حديث عن الإمام الصادق أنّه عليه السّلام قال في تفسير الآية أعلاه: «الحسنة التقية، السيئة الإذاعة» [1].
و طبعا فان هذا الحديث الشريف ناظر الى الموارد التي تكون فيها الاذاعة سببا
في إتلاف الطاقات و الكوادر الجيدة و افشاء الخطط للأعداء.
ثم تضيف الآية: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ.
ادفع الباطل بالحق، و الجهل و الخشونة بالحلم و المداراة، و قابل الإساءة
بالإحسان، فلا ترد الإساءة بالإساءة، و القبح بالقبح، لأنّ هذا أسلوب من همّه
الانتقام، ثمّ إنّ هذا الأسلوب يقود إلى عناد المنحرفين أكثر.
و تشير الآية في نهايتها إلى فلسفة و عمق هذا البرنامج في تعبير قصير، فتقول:
إنّ هذا التعامل سيقود إلى: فَإِذَا
الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.
إنّ ما يبيّنه القرآن هنا، مضافا إلى ما يشبهه في الآية (96) من سورة المؤمنين
في قوله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
السَّيِّئَةَ يعتبر من أهم و أبرز أساليب الدعوة، خصوصا
حيال الأعداء و الجهلاء و المعاندين. و يؤيد ذلك آخر ما توصلت إليه البحوث و
الدراسات في علم النفس.
لأنّ كلّ من يقوم بالسيئة ينتظر الرد بالمثل، خاصة الأشخاص الذين هم من هذا
النمط، و أحيانا يكون جواب السيئة الواحدة عدّة سيئات. أمّا عند ما يرى المسيء
أنّ من أساء إليه لا يرد السيئة بالسيئة و حسب، و إنّما يقابلها بالحسنة، عندها
سيحدث التغيير في وجوده، و سيؤثر ذلك على ضميره بشدّة فيوقظه، و ستحدث ثورة في
أعماقه، سيخجل و يحس بالحقارة و ينظر بعين التقدير و الأكبار إلى من أساء إليه.