و هذا العذاب يمكن أن يشملهم في الدنيا بأن يقتلوا على أيدي أصحاب رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و اله و سلّم أو يقعوا في أسرهم، و قد يكون في الآخرة، أو يكون
العذاب في الدنيا و الآخرة معا.
فهل لهؤلاء عمل أسوأ من الكفر و الشرك و إنكار آيات اللّه و منع الناس و صدّهم
عن سماع كلام الحق؟
لكن لماذا أشارت الآية إلى «أسوأ» بالرغم من أنّهم يرون جزاء كلّ أعمالهم؟
قد يكون هذا التعبير للتأكيد على موضوع الجزاء و التهديد به بيان حديثه، و فيه
إشارة لمنعهم الناس عن سماع كلام النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم.
كما أنّ قوله تعالى: كانُوا يَعْمَلُونَ دليل على أنّه سيتمّ التأكيد على الأعمال التي كانوا
يقومون بها دائما، و بعبارة اخرى: إنّ ما يعملونه لم يكن أمرا مؤقتا بل كانت سنتهم
و سيرتهم الدائمة.
و للتأكيد على قضية العذاب، يأتي قوله تعالى: ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ[1].
و هذه النّار ليست مؤقتة زائلة بل:
لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ نعم، فذلك: جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ[2].
إنهم لم ينكروا الآيات الإلهية و حسب، بل منعوا الآخرين من سماعها.
«يجحدون» من «جحد» على وزن «عهد» و
تعني في الأصل كما يرى «الراغب» في «المفردات»: إلغاء و نفي شيء ثابت في القلب،
أو إثبات شيء منفي في القلب. أو هو بعبارة اخرى: إنكار الحقائق مع العلم بها، و
هذا من أسوأ أنواع
[1]- «النّار» يمكن أن تكون «عطف
بيان» أو «بدل» ل «جزاء» أو أن تكون (خيرا لمبتدأ محذوف) و التقدير هو النّار».
[2]- «جزاء» يمكن أن تكون مفعولا لفعل
محذوف تقديره «يجزون جزاء» أو أن تكون مفعولا لأجله.