في الآيات المختلفة لهذه السورة المباركة- كما أوضحنا ذلك- يتبيّن أنّ أساس
انحراف قسم كبير من الناس هو التكبر و الغرور.
قد يكون امتلاك المال من أسباب العلو و التكبر، أو كثرة الأفراد و امتلاك القدرات
العسكرية. أو كمية محدودة من المعلومات في فرع من فروع المعرفة، يظن الإنسان أنّها
كبيرة و كثيرة، فتدفعه إلى العلو و الاستغناء السخرية.
إنّ حالة عصرنا الراهن تعكس نموذج «الغرور العلمي» بشكل جلّي واضح، ففي ظل
التقدم السريع الذي أحرزته المجتمعات المادية في المجالات العلمية و التقنية،
نراها عمدت إلى إلغاء دور الدين من الحياة، و قد سيطر الغرور العلمي على بعض علماء
الطبيعة الى درجة أنّهم تصوروا أن لا يوجد في هذا العالم شيء خارج اطار علومهم و
معارفهم، و بما أنّهم لم يروا اللّه في مختبراتهم أنكروا وجوده و جحدوا نعمته.
لقد ذهب بهم الغرور إلى أكثر من ذلك عند ما أصبحوا يجهرون أن الدين و وحي
الأنبياء إنّما كانا بسبب الجهل أو الخوف، أما و قد حلّ عصر التقدم العلمي فإنّ
الحاجة إلى مثل هذه المسائل انعدمت تماما، بل و عمدوا إلى فرض تفسير معين لتطوّر
الحياة يماشي ادعاءهم هذا، فقالوا: إنّ الحياة الفكرية للبشر مرّت عبر المراحل
الآتية:
1- مرحلة الأساطير.
2- مرحلة الدين.
3- مرحلة الفلسفة.
4- مرحلة العلم، و المقصود بها العلوم الطبيعية.
بالطبع، نحن لا ننكر أنّ السلطة الديكتاتورية للكنيسة على عقول الناس في
أوروبا، و شيوع الخرافات و أنواع التفكير الأسطوري لقرون مديدة في تأريخ تلك