responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 15  صفحة : 314

عالم الوجود، و ألطاف اللّه و مواهبه على الخلق؟! الطريف أنّ الآية تستخدم في الإشارة إلى المراحل الأربع الأولى تعبير «خلقكم» لأنّ ليس للإنسان أي دور فيها، حيث يتطور من التراب إلى النطفة ثمّ إلى العلقة فطفلا صغيرا من دون أن يكون له أي دور في هذه التحولات. لكن في المراحل الثلاث التي تلي الولادة، أي مرحلة الوصول إلى أقصى القوة الجسمية ثمّ مرحلة الشيب و انتهاء العمر، استخدمت الآية تعبير «لتبلغوا» و «لتكونوا» و فيها إشارة إلى كيان الإنسان الحرّ و فيها أيضا ما يشير إلى الحقيقة التي تقول: إنّ نمو الإنسان و وجوده عبر هذه المراحل الثلاث، و تقدمه باطّراد أو تأخره، و يرتبط بشكل أو بآخر بحسن تدبير الإنسان أو سوء تدبير، حيث يبلغ من الشيخوخة أو يموت مبكرا، و هذا يدل على مدى الدقّة في استخدام التعابير القرآنية الآنفة الذكر.

و سبق أن أشرنا إلى أنّ التعبير ب «يتوفى» الذي يتضمن معنى الموت، لا يعني الفناء التام وفق المنطق القرآني، بل إنّ ملك الموت يمسك الروح و يقبضها بإذنه تعالى و بحسب الأجل الإلهي المحتوم، فتنقل الأرواح إلى عالم آخر ألا و هو عالم «البرزخ».

إن تكرار مفاد هذا التعبير في القرآن الكريم، يبيّن بوضوح نظرة الإسلام تجاه الموت، هذا المفهوم الذي يخرج عن نطاق الفهم المادي الضيق الذي يقرن الموت بالفناء و العدم، بينما الموت لا يعبّر إلّا عن انتقال الروح من هذا العالم إلى عال آخر هو عالم البقاء.

و قوله تعالى: وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ‌ قد يكون إشارة إلى حصول الموت قبل مرحلة الشيخوخة، أو قد يعني الإشارة إلى المراحل السابقة بأجمعها، بمعنى أنّ الموت قد يصيب الإنسان قبل أن يبلغ إلى مرحلة من المراحل السابقة.

و من الضروري أن نشير هنا إلى أنّ جميع المراحل، عدا المرحلة الأخيرة (أي بلوغ نهاية العمر و حلول الوفاة) قد عطفت ب «ثم» و هي إشارة إلى السياق‌

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 15  صفحة : 314
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست