فمن جهة هو يوم لا تنفع المعذرة فيه، و لا يحول شيء دون افتضاح الظالمين أمام
الأشهاد.
و من جهة اخرى هو يوم تشمل اللعنة الإلهية فيه الظالمين، و اللعنة هنا البعد
عن الرحمة.
و من جهة ثالثة هو يوم ينزل فيه العذاب الجسماني على الظالمين، و يوضعون في
أسوأ مكان من نار جهنم.
سؤال:
إنّ الآية تفتح المجال واسعا للسؤال التالي،: إذا كان اللّه (تبارك و تعالى)
قد وعد حتما بانتصار الأنبياء و المؤمنين، فلما ذا نشاهد،- على طول التأريخ- مقتل
مجموعة من الأنبياء و المؤمنين على أيدي الكفار؟ و لماذا ينزل بهم الضيق و الشدة
من قبل أعداء اللّه، ثمّ لماذا تلحق بهم الهزيمة العسكرية؟ و هل يكون ذلك نقضا
للوعد الإلهي الذي تتحدث عنه الآية الكريمة؟
الجواب على كلّ هذه الأسئلة المتشعبة يتضح من خلال ملاحظة واحدة هي:
إن أكثر الناس ضحية المقاييس المحدودة فى تقييم مفهوم النصر، إذ يعتبرون
الإنتصار يتمثل فقط في قدرة الإنسان على دحر عدوه، أو السيطرة على الحكم لفترة
وجيزة! إنّ مثل هؤلاء لا يرون أي اعتبار لانتصار الهدف و تقدم الغاية، أو تفوق و
انتشار المذهب و الفكرة، هؤلاء لا ينظرون إلى قيمة المجاهد الشهيد الذي يتحول إلى
نموذج و قدوة في حياة الناس و على مدى الأجيال. و لا ينظرون إلى القيمة الكبرى
التي يستبطنها مفهوم العزة و الكرامة و الرفعة التي ينادي بها أحرار البشر و القرب
من اللّه تعالى و نيل رضاه.
و بديهي إنّ الانحباس في إطار هذا التقييم المحدود يجعل من العسير الجواب