إنّ الآيات أعلاه تعتبر من الآيات التي عبّرت بصراحة عن وجود هذا العالم،
حينما قالت: إنّ آل فرعون يعرضون صباحا و مساء على النّار قبل القيامة، و ذلك كنوع
من العقاب البرزخي لهم.
من جانب آخر، فإنّ الآيات التي تتحدث عن حياة الشهداء الخالدة بعد الموت، و
الثواب العظيم الذي ينالهم، تدل هي الأخرى على وجود (البرزخ).
و
في حديث عن رسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم قال: «إنّ أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة و العشي، إن كان من أهل الجنّة
فمن الجنّة، و إن كان من أهل النّار فمن النّار، يقال: هذا مقعدك حيث يبعثك اللّه
يوم القيامة» [1].
أما
الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام فيقول عن البرزخ: «ذلك في الدنيا قبل يوم القيامة لأنّ في نار القيامة لا
يكون غدو و عشي» ثمّ قال: «إن كانوا يعذبون في النّار غدوا و عشيا ففيما بين ذلك
هم من السعداء، لا و لكن هذا في البرزخ قبل يوم القيامة، ألم تسمع قوله عزّ و جلّ:
و يوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب» [2].
الإمام عليه السّلام لم يقل بعدم وجود الصباح و السماء في القيامة، بل يقول:
إنّ نار جهنّم أبدية خالدة لا تعرف الصباح و المساء. أمّا العقاب الذي له مواقيت
في الصباح و السماء فهو عالم البرزخ، ثمّ يدلل عليه السّلام على الجملة التي بعدها
و التي تتحدث عن القيامة، على أنّها قرينة باختصاص الجملة السابقة بالبرزخ.
لقد تعرضنا إلى عالم البرزخ مفصلا أثناه الحديث عن الآية (100) من سورة
«المؤمنون».
[1]- ينقل هذه الرواية كلّ من البخاري
و مسلم في صحيحيهما (طبقا كما يذكره الطبرسي و صاحب الدر المنثور و القرطبي، أثناء
حديثهم عن الآية المذكورة أعلاه) أما صحيح مسلم فيعقد بابا حول الروايات المتعلقة
بالبرزخ، إذ يمكن مراجعته في المجلد الرابع، صفحة 2199.