كذبه، أمّا لو كان صادقا فيشملنا العذاب، إذا عليكم أن لا تتركوا العمل
بالاحتياط).
المقطع الثّاني: و فيه وجّه مؤمن آل فرعون الدعوة إلى التأمّل بما حلّ
بالأقوام السابقة و ما نال الأمم الداثرة من المصير و الجزاء، كي يأخذوا العبرة من
ذلك المصير! المقطع الثّالث: كأمن في الآيات القرآنية التي بين أيدينا، إذ تذكر هم
الآيات- من خلال خطاب مؤمن آل فرعون- بجزء من تأريخهم، هذا التأريخ الذي لا يبعد
كثيرا عنهم، و لم تمحى بعد أواصر الارتباط الذهني و التأريخي فيما بينهم و بينه، و
هذا الجزء يتمثل في نبوة يوسف عليه السّلام، الذي يعتبر أحد أجداد موسى، حيث يبدأ
قصة التذكير معهم بقوله تعالى: وَ لَقَدْ
جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ[1] و بالدلائل الواضحة لهدايتكم و لكنكم: فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ.
و شككم هنا ليس بسبب صعوبة دعوته أو عدم اشتمالها على الأدلة و العلائم
الكافية، بل بسبب غروركم حيث أظهرتم الشك و التردد فيها.
و لأجل أن تتنصلوا من المسؤولية، و تعطوا لأنفسكم الذرائع و المبررات، قلتم: حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ
بَعْدِهِ رَسُولًا.
بناء على ذلك كلّه لم تشملكم الهداية الإلهية بسبب أعمالكم و مواقفكم:
لقد سلكتم سبيل الإسراف و التعدي على حدود اللّه تعالى كما قمتم بالتشكيك في
كلّ شيء، حتى غدا ذلك كلّه سببا لحرمانكم من اللطف الإلهي في الهداية، فسدرتم في
وادي الضلال و الغي، كي تنتظركم عاقبة هذا الطريق الغاوي.
و اليوم- و السياق ما زال يحكي خطاب مؤمن آل فرعون لهم- اتبعتم نفس
[1]- تعتبر هذه الآية هي الوحيدة في
القرآن الكريم التي تشير صراحة إلى نبوة يوسف عليه السّلام، و إن كنّا لا نعدم
إشارات متفرقة لهذه النبوّة في سياق آيات قرآنية اخرى.