يحيط بالذباب بالحلويات- طمعا في مقامه و قدرته و جاهه و ماله. إنّ هؤلاء في
هذا اليوم مشغولون بأنفسهم لا ينفعون أحدا ... و هو يوم لا تنفع فيه لا صداقة و لا
خلّة.
الصفة الخامسة تقول عنها الآية: وَ لا
شَفِيعٍ يُطاعُ.
ذلك أنّ شفاعة الشفعاء الحقيقيين كالأنبياء و الأولياء إنّما تكون بإذن اللّه
تعالى، و على هذا الأساس لا مجال لتلك التصورات السقيمة لعبدة الأصنام، الذين
كانوا يعتقدون في الحياة الدنيا أنّ أصنامهم ستشفع لهم في حضرة اللّه جلّ و علا.
و في المرحلة السادسة تذكر الآية أحد صفات الخالق جلّ و علا، و التي تعتبر في
نفس الوقت وصفا لكيفية القيامة، حيث تقول:
يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ[1].
إنّ اللّه تبارك و تعالى يعلم الحركات السرية للعيون و ما تخفيه الصدور من
أسرار، و سيقوم تعالى بالحكم و القضاء العادل عليها، و هو بعلمه سيجعل صباخ
الظالمين المذنبين مظلما.
و عند ما سئل الإمام الصادق عليه السّلام عن معنى الآية فأجاب:
«ألم تر إلى الرجل ينظر إلى الشيء و
كأنّه لا ينظر إليه، فذلك خائنة الأعين» [2].
أي يوهم أنّه لا ينظر إليه.
قد يتأول البعض بنظره إلى أعراض الناس و إلى ما يحرم النظر إليه، و قد يستطيع
الفاعل أن يخفي فعلته عن الآخرين، لكن ذلك لا يخفى عن علم اللّه المحيط بكل ذرات
الوجود إذ: لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي
السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ
[1]- هناك احتمالان من حيث التركيب
النحوي لجملة «يعلم خائنة الأعين»: الأول: أن (خائنة) لها معنى مصدري و تعني
الخيانة (مثل كاذبة و لاغية بمعنى كذب و لغو). و يحتمل أن تكون (اسم فاعل) من باب
تقديم الصفة، أي أنها تعني في الأصل (الأعين الخائنة).