و عند ما نجد بعض الرّوايات المروية عن أهل البيت عليهم السّلام تفسّر الروح
في الآية أعلاه ب «روح القدس» و تخصّها بالنبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و
الأئمّة المعصومين من أهل البيت عليهم السّلام، فإنّ ذلك لا يتعارض مع ما قلناه،
لأنّ «روح القدس» هي نفس الروح العلوية المقدسة و المنصب المعنوي العظيم الذي
يتجسّد كاملا في الأنبياء و الأئمّة المعصومين عليهم السّلام، و كثيرا ما يتجلّى
جزء منها في الأشخاص الآخرين الذي متى ما ساعدتهم فيوضات روح القدس فإنّه سيقومون
بأعمال مهمّة، و تنطق لسانهم بالحكمة. (لمزيد من التوضيح يمكن مراجعة تفسير الآية
87 من سورة البقرة).
و الملفت للنظر هنا أنّ الآيات السابقة كانت تتحدث عن رزق الأجساد من مطر و
نور و هواء، فيما تتحدث هذه الآيات عن الرزق «الروحي» و المعنوي المتمثل في نزول
الوحي.
و الآن لنرى ما هو الهدف من إنزال روح القدس على الأنبياء عليهم السّلام، و
لماذا يسلك الأنبياء هذه الطرق الطويلة المليئة بالعقبات و الصعاب.
الإجابة يقدمها القرآن في نهاية الآية بقوله: لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ.
أنّه اليوم الذي يلتقي فيه العباد بخالقهم ...
إنّه اليوم الذي يلتقي فيه السابقون باللاحقين ...
إنّه اليوم الذي يجمع على ساحة القيامة بين رموز الحق و قادته، و رموز الباطل
و زعامته و أنصاره ...
إنّه يوم لقاء المستضعفين بالمستكبرين ...
إنّه يوم التقاء الظالم و المظلوم ...
هو يوم التقاء الإنسان و الملائكة ...
و أخيرا، يوم التلاق، هو يوم التقاء الإنسان مع أعماله و أقواله في محكمة