البعض الآخر ذهب إلى أنّ «ح» إشارة إلى أسمائه تعالى مثل «حميد» و «حليم» و
«حنان»، بينما «م» إشارة إلى «ملك» و «مالك» و «مجيد».
و هناك احتمال في أن حرف «الحاء» يشير إلى الحاكمية، فيما يشير حرف «الميم»
إلى المالكية الإلهية.
عن ابن عباس، نقل القرطبي «في تفسيره» أن «حم» من أسماء اللّه العظمى [2].
و يتّضح في نهاية الفقرة أنّ ليس ثمّة من تناقض بين الآراء و التفاسير الآنفة
الذكر، بل هي تعمد جميعا إلى تفسير الحروف المقطعة بمعنى واحد.
في الآية الثّانية- كما جرى على ذلك الأسلوب القرآني- حديث عن عظمة القرآن، و
إشارة إلى أنّ هذا القرآن بكل ما ينطوي عليه من عظمة و إعجاز و تحدّ، إنّما يتشكّل
في مادته الخام من حروف الألف باء ... و هنا يمكن معنى الإعجاز.
يقول تعالى: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ
الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.
إنّ قدرته تعالى تعجز الأشياء الأخرى عن الوقوف إزاءه، فقدرته ماضية في كل
شيء، و عزته مبسوطة، أمّا علمه تعالى فهو في أعلى درجات الكمال، بحيث يستوعب كلّ
احتياجات الإنسان و يدفعه نحو التكامل.
و الآية التي بعدها تعدّد خمسا من صفاته تعالى، يبعث بعضها الأمل و الرجاء،
بينما يبعث البعض الآخر منها على الخوف و الحذر.