ونحن عاصون جانون، أبوك الحسين بن علي وامك فاطمة الزهراء، وجدّك رسول اللَّه
صلى الله عليه و آله؟
قال: فالتفت إليَّ وقال: «هيهات هيهات يا طاووس دع عني حديث أبي وامّي وجدّي،
خلق اللَّه الجنّة لمن أطاعه وأحسن، ولو كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه
ولو كان ولداً قرشياً [1]، أما سمعت قوله تعالى: «فَإذَا
نُفِخَ في الصُّورِ فَلا أنسَابَ بَيْنَهُمْ يَومَئِذٍ وَلَا يَتَساءَلُونَ»[2] واللَّه لا
ينفعك غداً إلَّاتقدمة تقدّمها من عمل صالح» [3].
نعم، إذا لم يصطحب الانسان معه عملًا صالحاً يوم القيامة فلا ينفعه شيء ولا
ينجيه؛ لأن القيامة- كما عبَّر عنها القرآن الكريم- عبارة عن يوم «لا يَنْفَعُ مَالٌ ولا بَنُونَ إلَّامَنْ أتَى اللَّهَ
بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»[4].
النتيجة هي أن الحسد والكذب وإفشاء أسرار الآخرين توجب بعداً عن اللَّه،
والملاك الأساسي لانقاذ الانسان يوم القيامة هو الأعمال الصالحة لا القرابة
السببية أو النسبية.
[1] السؤال المطروح هنا هو: أن هناك
روايات نهت عن إساءة الأدب وعدم احترام السادة ولو كانوا مذنبين بذنوبمن قبيل شرب
الخمر، وقد نقل بعضها الشيخ عباس القمي رحمه الله في (منتهى الآمال) في ذيل سيرة
الامام الحسن العسكري عليه السلام، وهي متنافية في الظاهر مع ما ورد في هذه
الرواية، فما الجواب؟
الجواب: لا تنافي بين هذين الطائفتين من الروايات؛ لأن أحدهما تتعلق بالحياة
الدنيا والاخرى بالحياة الاخرى، بعبارة اخرى: ينبغي على المسلمين احترام الرسول
صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام وأولادهم وأحفادهم وما نزلوا في
الدنيا. وفي هذا المجال لا ينبغي أن يكون استثناء ليكون أصلًا عاماً لا يمكن
للمنافقين ومن أراد بآل البيت سوءً استغلال استثناءاته. وهذا لايعني كفاية القرابة
لهم يوم الحساب، بل المقياس الوحيد للنجاة هناك هو الأعمال الصالحة، وحتى الشفاعة
فهي غير شاملة لمن خلت صحيفة أعماله من الصالحات، وتشمل من كانت أعماله الصالحة قليلة
جبراناً لقلّة الأعمال وإلَّا فلا تشمله.