وهب اللَّه تعالى نعمة إلهية كبرى لليهود، وهي كتاب التوراة السماوي، لكنَّهم
لم يؤدوا حق هذا الكتاب، وكأنهم لم يُوهبوا هذه الموهبة الكبرى، ومثل هؤلاء كمثل
الحمار الذي يحمّلوه كتباً لا يفيد من مضمونها ومحتواها.
التوراة بشَّرت بالرسول وذكرت علائم ومواصفات الرسول بنحو دقيق، بحيث أصبحت
معرفتهم الرسول كمعرفتهم أولادهم، رغم ذلك أنكروا الرسول أو تنكروه، لماذا؟ [1] ألم يهاجروا من
بلدانهم الأصلية إلى الحجاز شوقاً لرؤية خاتم الرسل؟ إذن، لماذا أدبروا عن بشارات
التوراة ولم يؤمنوا بالرسول وبدينه، بل حاربوه؟
مثل هؤلاء الذين لا يعملون بعلمهم كمثل الحمار الذي لا يفيد من مضامين الكتب
التي يحملها.
كيف لا يُشبَّه هؤلاء اليهود العنودون بالحمار مع أنهم أنكروا آيات اللَّه
تعالى لا في العمل فحسب بل أنكروها بألسنتهم كذلك؟ وهذا الموقف الذي صدر من اليهود
لم يختص بيهود صدر الاسلام، بل اليهود- طبقاً لما ورد في الآية 87 من سورة البقرة-
استكبروا أمام كل رسول جاءهم بما يخالف أهواءهم النفسية، فقتلوا بعضاً من الرسل
وكذَّبوا بعضاً آخر، وهذه سيرتهم على طول التاريخ.
«واللَّهُ لا
يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ».
[1] كما هو مضمون ما ورد في البقرة:
146، الأنعام: 20.