الثاني: المراد هو يهود بني قينقاع، الذين تأثروا بإيعازات
المنافقين واغواءاتهم وخاضوا حرباً مع المسلمين وخسروها وارغموا على ترك المدينة.
فيا يهود بني النضير، إن مصيراً كمصير بني قينقاع في انتظاركم.
كان المثل الاول مضروباً في حق اليهود الذين حاربوا المسلمين بإيعاز من
المنافقين، أمَّا المثل الثاني فيخصُّ المنافقين، وبعبارة اخرى: كان المثل الاول
يخصُّ مَن اثيروا تحرَّضوا، وهذا المثل لمَن أثاروا وحرّضوا.
يقول اللَّه في هذا المثل: المنافقون الذين أثاروا اليهود وأوعزوا لهم لحرب
المسلمين مثل الشيطان الذي يثير الانسان ويوعز له لأن يكفر باللَّه، ويتركه هارباً
بمجرّد أن لا يرى الموقف لصالحه.
قد يتجلّى الشيطان بشكل انسان ليخدع وليمرر حيله [1]، نشير إلى نماذج من هذا القبيل:
الف: تمثَّل الشيطان بشكل انسان في معركة بدر، يدعو
المشركين للحرب ويحرّضهم للهجوم على المسلمين، وسحب نفسه عندما مالت كفّه الميزان
لصالح المسلمين، وأنزل اللَّه عندها ملائكة لنصرتهم، وعندما سئل عن سبب الانسحاب
رغم أنَّه كان يحرّض على القتال، قال: إنّي أرى ما لا ترون [2].
باء: عندما عقد زعماء قريش جلسة لدراسة قضية كيفية
مواجهة الرسول صلى الله عليه و آله تمثَّل لهم كشيخ عجوز من أهالي نجد، اقترح
عليهم أن يُنتخب من كل قبيلة فتى، يجتمعون ويهاجمون بيت الرسول صلى الله عليه و
آله ويقتلونه، لكي يتوزَّع دمه على جميع القبائل، وتعجز قريش عن الانتقام من
[1] بحث العلامة المجلسي الموضوع
بالتفصيل، راجع بحار الأنوار 60: 283 فما بعدها أو 63: 131 على طبعة مؤسسة الوفاء.