أيها المسلمون، لا تخافوا هؤلاء اليهود، فهم لا يتجرّؤون مواجهتكم، وإذا
أرادوا مواجهتكم فمن خلف قلاع محصّنة وجدران، وهذا يكشف عن قدرتكم وقوتكم وعن
ضعفهم وعجزهم.
شديدو البأس فيما بينهم إذا تقاتلوا، ممَّا يجعلكم تتصوّرون أنَّهم متحدون
وأقوياء، مع أنَّهم متشتتين، واتحادهم ظاهري، وبذور التفرقة مزروعة في قلوبهم.
هذا هو حال اليهود في العصر الحاضر، فهم أقوياء ومتحدون عند القتال في الظاهر،
لكنهم عاجزون لا خيار لهم أمام مسلمي حزب اللَّه [1]، وأن بذور الفرقة مزروعة في قلوبهم، فهم
ماديون ومن عبدة الدنيا، ويميلون حيثما مالت مصالحهم وينفصلون ويتفرّقون أينما
اقتضت تلك المصالح.
«ذلِكَ بأنَّهُمْ
قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ».
سبب اختلافهم وفرقتهم هو جهلهم وعدم كونهم من ذوي العقول والفكر، فالعقل سبب
للاتحاد، والجهل سبب للاختلاف والفرقة.
إذن، ما على المسلمين أن يرهبوا اليهود.
وبعد بيان ما عليه اليهود من الفرقة والاختلاف شرع في بيان مثلين لهم.
مثل بني النضير كمثل الذين سبقوهم ممَّن دفعوا ثمن أعمالهم وكفارتها، وهم
حالياً يعيشون في عذاب أليم.
وبهذا مثَّل اللَّه بني النضير بالأقوام الذين سبقوهم من حيث دفعهم كفارة سوء
أعمالهم.
احتمل المفسرون احتمالين في المراد من القوم المذكور في الآية:
الاول: المراد هو مشركو مكة الذين دفعوا ثمن أعمالهم
أو كفارتها في حرب بدر. المنافقون أوعزوا لمشركي مكة لخوض حرب بدر، وبعدما نشبت
خسروها ورجعوا أذلاء، واليهود
[1] وقد لاحظنا كيف أرغم جهاد رجال
حزب اللَّه وايمانهم الجيش الاسرائيلي على الانسحاب من جنوب لبنان بذلٍ.