responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : امثال القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 288

رؤية الأشياء التي خلفه. وعندما كان الرسول صلى الله عليه و آله يتلو القرآن يُجعل ستار حائل بينه وبين الكفار يمنع من رؤيتهم إيَّاه، لكنهم كانوا يسمعون صوته. والمراد من المستور هنا هو غير المرئي، أي أنَّه كان ستاراً لا يُرى بالعين يُجعل بين الرسول صلى الله عليه و آله والكفار.

فلسفة هذا الستار غير المرئي هي أنَّ الرسول صلى الله عليه و آله عندما كان ينشغل بتلاوة القرآن يقرأ آيات في ذمِّ الكفّار والمشركين والأصنام وآيات عن مستقبل الاسلام وانتصاراته ممَّا قد يغيظ الكفار ويجعلهم ينفجرون غيضاً وكمداً، وهو أمر يشكِّل خطراً على حياة الرسول؛ لاحتمال هجومهم على الرسول وتعرّضه لبعض المساوئ، وقد جعل اللَّه هذا الستار لكي يحول بينه وبينهم‌ [1].

يعتقد بعض آخر من المفسرين أنَّ عبارة «حجاباً مستوراً» كناية عن الحجاب المعنوي من اللجاجة والتعصّب والجهل والعداوة، فهذه الصفات المذمومة تبلورت على نحو حجاب للمشركين حالت دون فهمهم آيات القرآن، التي هي سبب هداية القلوب وضيائها، لكنها لا تؤثر في هذه القلوب بسبب هذا الحجاب المضمر [2].

إذن، كلا التفسيرين في مقام بيان مفهوم أنَّ هذا الحجاب كان مانعاً عن نفوذ الآيات في قلوب المشركين.

جاء في الآية 46 من نفس السورة:

«وَجَعَلْنَا عَلَى‌ قُلُوبِهِمْ أكِنَّةً أنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى‌ أدْبَارِهِمْ نُفُوراً».

بلغ تعصّبهم ولجالجتهم مستوى جعلهم يولّون أدبارهم عن الحق ويعرضون عنه نفرةً منه بدلًا من أن يولوا أدبارهم عن الباطل ويعرضوا عنه.

ولهذا جاء التعبير العجيب واللافت التالي على لسان نوح عليه السلام في الآية 7 من سورة نوح:

«وَإنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُم جَعَلُوا أصَابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأصَرُّوا وَاسْتَكْبَروا اسْتِكْبَاراً».

الآية تحكي مستوى‌ جهل وعناد معاصري النبيّ نوح عليه السلام حيث ما كانوا يكتفون بوضع‌


[1] انظر مجمع البيان 6: 418.

[2] انظر تفسير الأمثل 9: 18- 22.

اسم الکتاب : امثال القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست