و الحقيقة أنّ الآية ذكرت، أنّ الهدف والفلسفة الأصليّة للصّلاة، هي ذكر
اللَّه تعالى، و ما ذلك إلّالأهميّة الذّكر، في حركة الإنسان المنفتحة على اللَّه
تعالى، و خُصوصاً أنّها ذكرت مسألة الصّلاة، و ذكر اللَّه بعد بحث التّوحيد
مباشرةً.
«الآية الرابعة» خاطبت الأخوين موسى و هارون عليهما السلام، من موقع نَصبهما لِمقُام النّبوة
و السّفارة الإلهيّة، وأمرتهما بمحاربة قوى الإنحراف و الزّيغ، و التّصدي لفرعون و
أعوانه:
فالأمر بذكر اللَّه تعالى و عدم التّواني فيه، لِلوقوف بوجه طاغية: مثلَ
فِرعون، هو أمرٌ يحكي عن دور الذّكر و أبعاده الوسيعة، و أهميّته الكبيرة في
عمليّة السّلوك إلى اللَّه تعالى، فذِكر اللَّه يمنح الإنسان عناصر القّوة و
الشّجاعة، في عمليّة مواجهة التّحديات الصّعبة، لِلواقع المُنحرف.
وَ وَرد في تفسير: «في ظِلال القرآن»، في مَعرض تفسيره لهذه الآية، قوله: (إنّ
اللَّه تعالى أمر موسى و هارون عليهما السلام، أن اذكروني، فإنّ ذِكري، هو سِلاحكم
و وسيلتكم لِلنجاة» [1].
و بعض المفسّرين فسّروا كلمة «الذّكر»، الواردة في الآية، بإبلاغ الرّسالة، و
قال البعض الآخر، أنّها مطلق الأمر بالذّكر، و قال آخرون: إنّها ذِكر اللَّه تعالى
خاصّةً، و الحقيقة أنّه لا فرق بين التّفسيرات الثّلاثة، و يمكن أن تجتمع كلّها في
مفهوم الآية.
و من المعلوم أنّ الرّسول الأكرم صلى الله عليه و آله، و لِاجل أن يستمر في
إبلاغ الرّسالة، و التّحرك في خطّ الطّاعة و التّصدي لقوى الباطل و الإنحراف، عليه
أن يستمد القوّة و القدرة من ذكر اللَّه تعالى، و التّوجه إليه في واقع النّفس
والقلب.