responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اجوبة المسائل الشرعيّة المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 48

بعين العقل والحكمة.

توضيح ذلك: أنّ أحكامنا التي نصدرها بشأن الربح والخسارة إنّما هي نسبية على الدوام، فكل ما كان بمصلحتنا نحسبه مفيداً ونافعاً والعكس بالعكس، دون أن نكترث لانعكاسات الأمر على صعيد المجتمع ومستقبله فربّما تكون مادة كيميائية سامة لنا، بينما يمكن أن تكون هذه المادة علاجاً للأخرين وبالعكس ... فهل يشكل ربحنا أو خسارتنا معياراً حسناً أم قبح ظاهرة معينة، أم ينبغي دراسة الظاهرة من جوانبها كافّة بغية إصدار الأحكام بشأنها؟ لا بأس بهذا المثال لنقف على حقيقة هذه القضية:

قطعاً هنالك بعض الفوائد والأضرار التي يستبطنها هطول الأمطار الغزيرة؛ وأحكام الناس بهذا الشأن ستكون متنوعة. فأولئك الذين يجرف السيل بيوتهم ومزارعهم سيتحدثون بلوعة قائلين: إنّي لأجهل سبب هذا البلاء الذي أصابني! أمّا أولئك الذين كانت مزارعهم تعاني من شحة المياه أو تحتاج بعض محاصيلهم لمزيد من المياه، وقد امتلأت ترعهم وجداولهم بالمياه فلسان حالهم يقول: يالها من نعمة فضيلة، لقد أفاض اللَّه علينا لطفاً وعناية! والواقع لو تأملنا جميعاً تأثيرات ذلك المطر لعدوه جميعاً «أمطار رحمة» لا غضب الطبيعة.

أضف إلى‌ ذلك فإنّ بعض أنواع البلاء نعمة كبيرة نجهل حقيقتها ونغفل عنها، فبعض الأمراض التي تصيب الإنسان مرّة في حياته إنّما تحصنه عادة من الإصابة به ثانية. فلو نظرنا إلى‌ المرض في ذات اللحظة لاعتبرناه بلاءً، بينما لو أخذنا بنظر الاعتبار انعكاساته علينا باقي عمرنا لرأيناه نعمة. ولعل الفلسفة التي نفهمها من ظهور البلاء يتمثل في إدراك النعمة. فلا أحد يدرك أننا نغرق في بحر من النعم الإلهيّة، لكننا لا ندرك أغلب هذه النعم، اللّهم أن نسلب تلك النعمة لبعض الوقت. أفرض أنّ المرض انعدم من العالم، كيف يمكننا أن ندرك نعمة الصحة والعافية! ولو لم يكن لهذه الأرض حركة موضعية فهل كانت ستشهد من قرار! ولو لم يقع الجفاف أحياناً، فهل كان يسعنا الوقوف على دور المطر في الحياة! وبناءً على ما تقدم وبغية لفت انتباه الإنسان إلى‌ النعم التي لا تعد ولا تحصى فتشده إلى‌ اللَّه، إنّما

اسم الکتاب : اجوبة المسائل الشرعيّة المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست