ذلك لأنّ
العقل يحكم على أساس سلسلة من الحسابات والمشاهدات أنّ الظرف ينبغي أن يكون أكبر
من المظروف ويستحيل استيعاب شيء كبير في ظرف أصغر منه. وعليه فطلب جعل العالم في
بيضة هو طلب لمحال، واتضح ممّا سبق أنّ الأمور المستحيلة خارجة تماماً من دائرة
القدرة، والقدرة إنّما تتعلق دائماً بأمر ممكن [1].
وأمّا بشأن
السؤال الثالث هل يستطيع اللَّه خلق موجود ولا يقدر على القضاء عليه، هو الآخر
يصدق عليه ما سبق ومن قبيل سؤال أمر محال. فمن حيث كون مثل هذا الموجود مخلوقاً
للَّهلابدّ أن يكون ممكناً، وكل ممكن عرضة للفناء ذاتاً. فإن افترضنا هذا الموجود
يأبى الفناء، فلابدّ أن نفرض في هذه الحالة أنّه واجب الوجود وبالتالي سيكون
الشيء «ممكن» و «واجب» في نفس الوقت، وبعبارة أخرى لابدّ أن يكون ممكناً كونه
مخلوقاً للَّه، ولكن من حيث إنّه يأبى الفناء فلابدّ أن يكون واجباً وهذا جمع بين
النقيضين.
وكذلك السؤال
أن يخلق اللَّه موجوداً لا يستطيع تحريكه هو سؤال جمع بين النقيضين؛ فمن حيث كونه
مخلوقاً للَّهلابدّ أن يكون محدوداً ومتناهياً وبالطبع قابل للتحريك، ومن حيث
تعذر تحريكه فيفترض أنّه لامتناهٍ ولا محدود، وعليه فسؤال هذا الأمر هو جمع بين
النقيضين.
وخلاصة
الجواب: أنّ جميع هذه الفرضيات محالة وممتنعة وطلب إيجادها يعني إفاضة الوجود على
الأمور الممتنعة ذاتاً، والأمور الممتنعة خارجة عن دائرة القدرة، وليست لها عقلياً
قابلية الوجود. وعليه ليس هنالك من عجز في القدرة، بل العجز في الشيء.
وبعبارة
أوضح: العجز في قابلية القابل لا في فاعلية الفاعل.
[1] و بعبارة أخرى فإنّ سؤال جعل العالم في
بيضة هو طلب الجمع بين نقيضين، ذلك لأنّ الظرف لما كان البيضة فلابدّ أن يكون المظروف
أصغر منه، ولما كان المظروف هو هذا العالم المترامي، فلابدّ أن يكون مظروفه أكبر
بمليارات المرات من ظرفه، فالفرض أن يكون الشيء صغيراً وكبيراً في آن واحد، هو
فرض جمع بين النقيضين. للوقوف على المزيد بهذا الشأن راجع: كتاب معرفة اللَّه.